التفاسير

< >
عرض

وَكَأِيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَاباً شَدِيداً وَعَذَّبْنَاهَا عَذَاباً نُّكْراً
٨
فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْراً
٩
أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُمْ عَذَاباً شَدِيداً فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ يٰأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ قَدْ أَنزَلَ ٱللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً
١٠
رَّسُولاً يَتْلُواْ عَلَيْكُمْ آيَاتِ ٱللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ مِنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَمَن يُؤْمِن بِٱللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ ٱللَّهُ لَهُ رِزْقاً
١١
ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ وَمِنَ ٱلأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ ٱلأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِّتَعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ ٱللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً
١٢
-الطلاق

تيسير التفسير

وكأين من قرية: كثير من القرى كفرَ اهلها. عتت: تجبرت، واستكبرت. نُكرا: منكرا. وبالَ أمرِها: عاقبة امرها. خُسرا: خسارة. ذِكرا: قرآنا. رسولا: هو سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام.
لقد تقدّم كثيرٌ من الآيات الكريمة التي تشبه هذه الآياتِ التي خُتمت بها هذه السورة العظيمة بعد ان بيّن فيها شَرْعَ الله في الطلاق والعِدَّة والنفقةِ والسكنِ ونفقةِ المولود وإرضاعه.
ان كثيراً من أهلِ القرى خالفوا أمر ربهم، فكذّبوا الرسلَ وأعرضوا عن أمرِ ربهم، فحاسبناهم حساباً شديدا، وعذبناهم أشد العذاب، فذاقوا عاقبة أمرِهم، وتجرعوا سوءَ مآلهم، وخسِروا خسراناً كبيرا. وفي الآخرة أعدّ الله لهم عذابا بالغ الشدة.
ولذلك يحذّر الله المؤمنين بقوله تعالى: { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ يٰأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ }
ايها المؤمنون العاقلون، اعتبروا بهم واتقوا الله الذي انزل اليكم قرآنا عظيما، وارسل اليكم رسولا كريما هو محمد بن عبد الله عليه صلوات الله، { يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ ٱللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ } فيها هدى لكم، وبذلك أخرجكم من الظلمات وعبادة الاوثان الى النور، دين الله القويم الذي بيّن لكم الحقَّ من الباطل.
{ وَمَن يُؤْمِن بِٱللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ ٱللَّهُ لَهُ رِزْقاً }.
فالإيمان مشروط بالعمل، وأي جزاء احسنُ من الجنة وأي رزق أحسن من رزقها!
ثم ذكر بعد ذلك عظيمَ قدرته وسلطانه، وبديعَ خَلْقه لهذا الكونِ العجيب الفسيح يجري أمرُه فيه، { لِّتَعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ ٱللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمَا }. صدق الله العظيم.