التفاسير

< >
عرض

إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ تَنزِيلاً
٢٣
فَٱصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ ءَاثِماً أَوْ كَفُوراً
٢٤
وَٱذْكُرِ ٱسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً
٢٥
وَمِنَ ٱللَّيْلِ فَٱسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً
٢٦
إِنَّ هَـٰؤُلاَءِ يُحِبُّونَ ٱلْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَآءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً
٢٧
نَّحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَآ أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَآ أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلاً
٢٨
إِنَّ هَـٰذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلاً
٢٩
وَمَا تَشَآءُونَ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً
٣٠
يُدْخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحْمَتِهِ وَٱلظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً
٣١
-الإنسان

تيسير التفسير

آثما: فاجرا مجاهرا بالمعاصي. كفورا: مشركا. بكرة وأصيلا: صباحا ومساء. فاسجد له: صلّ له. وسبّحه: تهجّد له. ويذرون وراءهم: لا يهتمون به. يوماً ثقيلا: يوم القيامة. شددنا أسرهم: أَحكمنا خَلقهم.
إنا نحن انزلنا عليك يا محمد القرآن من عندنا، وهو حقٌّ لا ريب فيه لِتذكِّرَ الناسَ بما فيه من الوعد والوعيد، وتعلّمهم وتهذّبهم، { فَٱصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ } من مقاساة الشدائد في تبليغ الرسالة، فان العاقبة والنصر لك.
{ وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً }
أي من المشركين، مهما أغْرَوْكَ به من متاع الدنيا، ودُم على ذكر ربك، فصلّ الصلواتِ في الصباح والمساء، وأكثِر السجودَ في الليل وتهجّد به وسبّحه ليلاً طويلا مستغرقا في صلواتك ومناجاة ربك.
ثم أنكر الله تعالى على الكفار حُبَّ الدنيا والإقبال عليها، وإهمالَهم الآخرةَ ونسيانها فقال:
{ إِنَّ هَـٰؤُلاَءِ يُحِبُّونَ ٱلْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَآءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً }.
إن هؤلاء المشركين يحبون الدنيا وتُعجِبُهم زينَتُها فهم يؤثرونها على الآخرة، وينسَون ان أمامهم يوماً شديدا فيه الحساب والجزاء.
ثم نعى عليهم شِركهم، وغفلتهم عن طاعة الله فقال:
{ نَّحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَآ أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَآ أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلاً }.
نحن خلقناهم وأحكمنا خَلقهم في أحسنِ تقويم، واذا شئنا اهلكناهم وأتينا بخير منهم بدلاً منهم.
ثم ارشد الله تعالى الى ان هذا الذِكر تذكرةٌ وموعظة للناس، لمن أراد ان يتعظ ويُقبلَ على الله فقال:
{ إِنَّ هَـٰذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلاً }.
ان هذه الآيات بما فيها من ترتيب بديع، ومعنى لطيف - لهي تذكرة للعقلاء المتبصرين، فمن شاء اتخذ بالإيمان والتقوى الى ربه طريقا يوصله الى مغفرته وجنّته، فبابُه مفتوح دائما، ومغفرته وسعت كل شيء.
{ وَمَا تَشَآءُونَ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ }.
وما تشاؤون ان تتخذوا الى الله سبيلا الا ان يشاء الله، فالأمرُ اليه سبحانه، والخير والشر بيده، لا مانع لما أعطى ولا معطيَ لما منع.. ان الله عليم بأحوالكم، حكيم فيما يشاء ويختار، يُدخل من يشاء في جنته، فدخولُها بفضله ورحمته.
{ وَٱلظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً } في الآخرة هو عذاب جهنم وبئس المصير.
قراءات
قرأ ابن كثير وابو عمرو وابن عامر: وما تشاؤون بالياء، والباقون وما تشاؤون بالتاء.
انتهت سورة الانسان نسأل الله تعالى ان يجعلنا من الأبرار، والمقربين الأخيار ويجعل سعينا لديه مشكورا.