التفاسير

< >
عرض

وَٱعْلَمُوۤا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنْتُمْ بِٱللَّهِ وَمَآ أَنزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ ٱلْفُرْقَانِ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
٤١
-الأنفال

تيسير التفسير

الغُنم والمغنم والغنيمة: ما يناله الانسان في الحرب من أموال الأعداء. يوم الفرقان: يوم بدر.
اعملوا ايها المؤمنون ان حُكم كل ما غنمتموه من الاعداء المحاربين ان يُقسم خمسة اخماس: خمس منها لله وللرسول ولقرابته، واليتامى، وهم أطفال المسملين الذين مات آباؤهم وهم فقراء، والمساكين، وهم ذوو الحاجة من المسلمين، وابن السبيل، وهو المنقطع في سفره. ويُنفق من هذا المخصص لله وللرسول في المصالح العامة التي يقررها الرسول في حياته، ويقرّرها الإمامُ بعد وفاته، وباقي الخمس يصرف للمذكورين آنفا. واما الاخماس الاربعة الباقية من الغنيمة، فهي للمقاتلين.
وقرابة النبي عليه الصلاة والسلام هم بنو هاشم وبنو المطّلب، دون بني عبد شمس ونوفل.
روى البخاري عن مطعم بن جبير (من بني نوفل) قال:
"مشيت أنا وعثمان بن عفان (من بين عبد شمس) الى الرسول فقلنا: يا رسول الله، أعطيتَ بني المطّلب وتركتَنا، ونحن وهم بمنزلة واحدة، فقال الرسول الكريم: (إنما بنو المطّلب وبنو هاشم واحِد)" .
والسر في هذا ان قريشاً لما حصَرت بني هاشم في الشِعب وقاطعتْهم دخَلَ معهم فيه بنو المطلب، ولم يدخل بنو عبد شمس ولا بنو نوفل.
والحكمة في تقسيم الخُمس على هذا النحو، أن الدولة التي تدير سياسة الأمة لا بدَّ لها من المال لتستعين به على القيام بالمصالح العامة، كشعائر الدين والدفاع عن الأمة، وهو ما جُعل لِلّه في هذه الآية، ثم ان هناك نفقة رئيس حكومتها وهو سهمُ الرسول فيها، ثم لِذوي القربى وذوي الحاجات من ضعفاء الأمة.
ولا يزال هذا الاعتبار معمولاً به في كثير من الدول مع اختلاف شئون المجتمع والمصالح العامة، فالمالُ الذي رُصد للمصالح العامة يدخل في موازنة الوزارات المختلفة ما بين مصروفات علنية وسرّيّة، ولا سيما الامور الحربية. وكذلك راتبُ رأس الدولة من ملكٍ او رئيس جمهورية، منه ما هو خاصٌ بشخصه، ومنه ما هو لأُسرته وعياله. ومن موازنة الدولة ما يُبذل لإعانة، الجمعيات الخيرية والعِلمية وغيرها.
وعند الشيعة تفسيرٌ للغنيمة أعمُّ مما عند السنّة، كما أنهم اختلفوا عنهم في تقسيم الخمس، فقالوا: يُقسم الخُمس الى قسمين: الاول منها ثلاثة اسهم: سهمٌ لله، وسهم لرسوله، وسهم لذوي قرباه. وما كان لله فهو للرسول، وما كان للرسول فهو لقرابته، ووليُّ القرابة بعد النبي هو الإمام المعصوم القائم مقام النبي، فان وُجد أعطي له، وإلا وجَب إنفاقه في المصالح الدينية، وأهمُّها الدعوةُ الى الإسلام، والعملُ على نشره وإعزازه.
أما القسم الثاني فهو ثلاثة أسهم: سهم لأيتام آل محمد، وسهم لمساكينهم، وسهم لأبناء السبيل خاصة، لا يشاركهم فيه أحد، لأن الله حرّم عليهم الصَدقات فعوّضهم عنها بالخمس.
فاعلموا ذلك أيها المسلمون، واعملوا به إن كنتم آمنتم بالله حقا، وآمنتم بما أَنزلْنا على عبدنا محمد يوم الفرقان من آيات التثبيت والمدد، وهو اليوم الذي التقى فيه جمعكم وجمع الكافرين ببدر.
{ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } ومن عظيم قدرته ان نصَركم على قلتكم وضعفكم، وخذل الكافرين مع كثرتهم.