التفاسير

< >
عرض

وَذَا ٱلنُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي ٱلظُّلُمَاتِ أَن لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ ٱلظَّالِمِينَ
٨٧
-الأنبياء

أيسر التفاسير

{ مُغَاضِباً } { ٱلظُّلُمَاتِ } { سُبْحَانَكَ } { ٱلظَّالِمِينَ }
(87) - يَذْكُرُ اللهُ تَعالى قِصَّةَ يونُسَ عليهِ السلامُ (وهوَ ذو النُّونِ أيْ صاحبُ الحُوت)، وكانَ اللهُ قَدْ بَعَثَهُ نَبِياً إلى أَهْل نينَوَى فَدَعَاهُمْ إلى عِبَادةِ اللهِ وَحدَهُ فَأَبَوْا، وَتَمَادَوْا في كُفْرِهم، فَخَرَجَ يُونُسُ مِنْ بَيْنِهِم مُغَاضِباً لَهُمْ، وأَنْذَرَهُمْ بأنَّ العَذَابَ وَاقِعٌ بِهِمْ بَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّام، فَلما تَحَقَّقُوا مِنْ ذَلِكَ، وَعِلمُوا أنَّ النبيَّ لا يَكْذِبُ، خَرَجُوا مِنَ البلدِ بأطْفَالِهم وأنْعامِهم ومَوَاشِيهِم، ثُمَّ تَضَرَّعُوا إلى اللهِ تَعَالى، وَجأَرُوا إليهِ بالدُّعَاءِ، فَرَفَعَ اللهُ عَنْهُمْ العَذابَ، وصَرَفَهُ عَنْهُم، كَمَا جَاءَ في آيةٍ أُخْرى.
أمَّا يونسُ فإنَّه تَرَكَ قَوْمَه مُغَاضِباً لَهُم، وذَهَبَ فَرَكِبَ في سَفِينَةٍ فَاضْطَرَبَتْ وَخافَ مَنْ فِيها مِنْ غَرَقِهَا، فاقْتَرعُوا على رَجُل يُلقُونهُ مِنْ بينِهم في الماءِ يَتَخفَّفُونَ مِنهُ، فوقَعَتِ القُرْعَةُ على يُونُسَ، فَأَبَوْا أنْ يُلْقُوهُ، ثُمَّ أعادُوا القُرْعَةَ فَوَقَعَتْ علَيْهِ، فَأَبَوْا، ثمَّ أعَادُوا للمرةِ الثّالثةِ فَوَقَعَتْ عليه، فَتَجَرَّدَ يُونُسُ مِنْ ثِيَابِهِ، وأَلْقَى بِنَفْسِهِ في المَاءِ، فالْتَقَمَهُ الحُوتُ، ولِذَلِكَ سُمِّيَ بصَاحِبِ الحُوتِ (ذُو النُّونِ).
وكانَ يُونسُ يَظُنُّ أنَّ الله لَنْ يُضَيِّقَ عليْهِ في بَطْنِ الحُوتِ، (أو أنهُ تَعالى لنْ يَقْدِرَ عليه أَنْ يَكُونَ فِي بَطْن الحُوتِ) فَكَانَ في بَطْنِ الحوتِ في ظُلْمَةٍ، وفي أعْمَاقِ البَحْرِ في ظُلمَةٍ، وفي ظَلاَمِ الليلِ في ظُلْمَةٍ، ولذلك قَالَ تَعالى:{ فَنَادَىٰ فِي ٱلظُّلُمَاتِ } ودَعاَ رَبَّهُ قائلاً: لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَك إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ.
ذُو النُّونِ - هُوَ نَبِيُّ اللهِ يُونُسُ عَليهِ السَّلاَمُ، والنُّونُ هُوَ الحُوتُ.
مُغَاضِباً - غَضْبَانَ عَلى قَوْمِهِ لِكُفْرِهِمْ.
لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ - لَنْ نُضَيِّقَ عَلَيْهِ بِحَبْسٍ أَوْ نَحْوِهِ.