(79) فَقَدْ كَانُوا لاَ يَنْهَى أحَدٌ مِنْهُمْ أحَداً عَنِ مُنْكَرٍ يَقْتَرِفُهُ مَهْمَا بَلَغَ مِنَ القُبْحِ وَالضَّرَرِ.وَالنَّهْيُ عَنِ المُنْكَرِ هُوَ حِفَاظُ الدِّينِ، وَسِيَاجُ الفَضَائِلِ وَالآدَابِ، فَإذا تَجَرّأ المُسْتَهْتِرُونَ عَلَى إظْهَارِ فِسْقِهِمْ وَفُجُورِهِمْ، وَرَآهُمُ الغَوْغَاءَ مِنَ النَّاسِ قَلَّدُوهُمْ فِيهِ، وَزَالَ قُبْحُهُ مِنْ نُفُوسِهِمْ، وَصَارَ عَادَةً لَهُمْ، وَزَالَ سُلْطَانُ الدِّينِ مِنْ قُلُوبِهِمْ، وَتُرِكَتْ أَحْكَامُهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ، وَفِي ذَلِكَ إِشَارَةٌ إلى فَشْوِ المُنْكَرَاتِ فِيهِمْ. وَيُقَبِّحُ اللهُ تَعَالَى سُوءَ فِعْلِهِمْ، وَيَذُمُّهُمْ عَلَى اقْتِرَافِ المُنْكَرَاتِ، وَإِصْرَارِهِمْ عَلَيْهَا وَسُكُوتِ الآخَرِينَ عَنْهَا، وَرِضَاهُمْ بِهَا.
(وَقَدْ جَاءَ فِي الحَدِيثِ: "إنَّ أوَّلَ مَا دَخَلَ النَّقْصُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أنْ كَانَ الرَّجُلُ يَلْقَى الرَّجُلَ فَيَقُولُ: يَا هذا اتَّقِ اللهَ وَدَعْ مَا تَصْنَعُ، فَإنَّهُ لاَ يَحِلُّ لَكَ. ثُمْ يَلْقَاهُ مِنَ الغَدِ وَهُوَ عَلَى حَالِهِ فَلاَ يَمْنَعُهُ ذَلِكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ أَكِيلَهُ وَشَرِيبَهُ وَقَعِيدَهُ، فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ ضَرَبَ اللهُ قُلُوبَ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ" ). (رَوَاهُ ابْنُ مَسْعُودٍ).
يَتَنَاهَوْنَ - يَنْهَى بَعْضُهُمْ بَعْضاً.