التفاسير

< >
عرض

سَيَقُولُ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَآ أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ كَذٰلِكَ كَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِم حَتَّىٰ ذَاقُواْ بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَآ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إَلاَّ تَخْرُصُونَ
١٤٨
-الأنعام

أيسر التفاسير

{ آبَاؤُنَا }
(148) - سَيَقُولُ هَؤُلاَءِ المُشْرِكُونَ، اعْتِذَاراً عَنْ شِركِهِمْ، لَوْ شَاءَ اللهُ أَلاَّ نُشْرِكَ بِهِ، وَلاَ يُشْرِكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلِنا، لَمَا أَشْرَكْنَا، وَلَمَا أَشْرَكُوا، وَلَوْ شَاءَ اللهُ أَلاَّ نُحَرِّمَ شَيْئاً مِنَ الحَرْثِ وَالأَنْعَامِ وَغَيْرِها، لَمَا حَرَّمْنَا، وَلَكِنَّهُ شَاءَ أَنْ نُشْرِكَ بِهِ الأَوْلِيَاءَ وَالشُّفَعَاءِ، وَشَاءَ أَنْ نُحَرِّمَ مَا حَرَّمْنَا مِنَ البَحَائِرِ وَالسَّوَائِبِ وَغَيْرِها فَحَرَّمْنَاهَا، فَإِتْيَانُنا بِهَا دَلِيلٌ عَلَى مَشِيئَةِ اللهِ تَعَالَى، وَعَلَى رِضَاهُ بِهَا.
وَكَمَا كَذَّبَ مُشْرِكُو مَكَّةَ رَسُولَهُمْ مُحَمَّداً صلى الله عليه وسلم، فِيمَا جَاءَهُمْ بِهِ مِنْ دَعْوَةِ التَّوْحِيدِ، كَذَلِكَ كَذَّبَ مَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ رُسُلَهُمْ تَكْذِيباً غَيْرَ مَبْنِيٍّ عَلَى أَسَاسٍ مِنَ العِلْمِ. وَالرُّسُلُ قَدْ أَقَامُوا الأَدِلَّةَ عَلَى وَحْدَانِيَّةِ اللهِ تَعَالَى، وَأَيَّدَهُمُ اللهُ بِالآيَاتِ، وَالمُعْجِزَاتِ عَلَى صِدْقِهِمْ، فَأَعْرَضَ المُكَذِّبُونَ، وَأَصَرُّوا عَلَى جُحُودِهِمْ، فَأَهْلَكَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ (حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا).
وَلَوُ كَانَ اللهُ رَاضِياً عَنْ أَفْعَالِهِمْ لَمَا عَاقَبَهُمْ عَلَيْهَا، كَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ أَعْمَالُهُمْ صَادِرَةً عَنْهُمْ جَبْراً، لَمَا اسْتَحَقُّوا العِقَابَ عَلَيْها، وَلَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: إنَّهُ أَخَذَهُمْ بِذُنُوبِهِمْ، وَأَهْلَكَهُمْ بِظُلْمِهِمْ. وَاسْأَلْهُمْ يَا مُحَمَّدُ: هَلْ عِنْدَهُمْ عِلْمٌ يَعْتَمِدُونَ عَلَيْهِ فِيمَا يَقُولُونَ وَيَحْتَجُّونَ؟ فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُمْ مُسْتَنَدٌ صَحِيحٌ عَلَى أَنَّ اللهَ رَضِيَ لَهُم الشِّرْكَ، وَالتَّحْلِيلَ وَالتَّحْرِيمَ، فَلْيُظْهِرُوهُ.
ثُمَّ يَقُولُ تَعَالَى: إِنَّكُمْ لَسْتُمْ عَلَى شَيءٍ مِنَ العِلْمِ الصَّحِيحِ، بَلْ تَتَّبِعُونَ فِي عَقَائِدِكُمْ وَآرَائِكُمُ الحَدْسَ وَالتَّخْمِينَ الذِي لاَ يَسْتَقِرُّ عِنْدَهُ حُكْمٌ.
التَّخَرُّصُ - التَّخْمِينُ وَالتَّقْدِيرُ أَوِ الكَذِبُ.