التفاسير

< >
عرض

الۤمۤ
١
ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْحَيُّ ٱلْقَيُّومُ
٢
نَزَّلَ عَلَيْكَ ٱلْكِتَٰبَ بِٱلْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ ٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإِنْجِيلَ
٣
مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ ٱلْفُرْقَانَ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ ذُو ٱنْتِقَامٍ
٤
إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَخْفَىٰ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فِي ٱلسَّمَآءِ
٥
هُوَ ٱلَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي ٱلأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَآءُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ
٦
هُوَ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ ٱلْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ٱبْتِغَاءَ ٱلْفِتْنَةِ وَٱبْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ ٱللَّهُ وَٱلرَّاسِخُونَ فِي ٱلْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ
٧
رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ ٱلْوَهَّابُ
٨
رَبَّنَآ إِنَّكَ جَامِعُ ٱلنَّاسِ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُخْلِفُ ٱلْمِيعَادَ
٩
-آل عمران

صفوة التفاسير

اللغَة: { ٱلْحَيُّ } الباقي الدائم الذي لا يفنى ولا يموت { ٱلْقَيُّومُ } القائم على تدبير شئون العباد { يُصَوِّرُكُمْ } التصوير: جعل الشيء على صورة معينة أي يخلقكم كما يريد { ٱلأَرْحَامِ } جمع رحم وهو محل تكوّن الجنين { مُّحْكَمَاتٌ } المحكم: ما كان واضح المعنى قال القرطبي: "المحكم ما عُرف تأويله وفهم معناه وتفسيره، والمتشابه: ما لم يكن لأحدٍ إِلى علمه سبيل مما استأثر تعالى بعلمه دون خلقه مثل الحروف المقطعة في أوائل السور، هذا أحسن ما قيل فيه" { أُمُّ ٱلْكِتَابِ } أصل الكتاب وأساسه وعموده { زَيْغٌ } ميلٌ عن الحق يقال: زاغ زيغاً أي مال ميلاً { تَأْوِيلِهِ } التأويل: التفسير وأصله المرجع والمصير من قولهم آل الأمر إِلى كذا إذا صار إِليه { وَٱلرَّاسِخُونَ } الرسوخ: الثبوت في الشيء والتمكن منه قال الشاعر:

لقد رسخت في القلب مني مودّة لليلى أبت أيامُها أن تغَيّرا

سَبَبُ النّزول: نزلت هذه الآيات في وفد نصارى نجران وكانوا ستين راكباً، فيهم أربعة عشر من أشرافهم ثلاثةً منهم أكابرهم "عبد المسيح" أميرهم و "الأيهم" مشيرهم و "أبو حارثة بن علقمة" حبرُهم، فقدموا على النبي صلى الله عليه وسلم فتكلم منهم أولئك الثلاثة معه فقالوا تارةً عيسى هو "الله" لأنه كان يحيي الموتى، وتارةً هو "ابن الله" إِذ لم يكن له أب، وتارة إِنه "ثالث ثلاثة" لقوله تعالى "فعلنا وقلنا" ولو كان واحداً لقال "فعلتُ وقلتُ" فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألستم تعلمون أن ربنا حيٌّ لا يموت وأن عيسى يموت!! قالوا: بلى، قال ألستم تعلمون أنه لا يكون ولد إِلا ويشبه أباه!! قالوا بلى، قال ألستم تعلمون أن ربنا قائم على كل شيء يكلؤه ويحفظه ويرزقه فهل يملك عيسى شيئاً من ذلك؟ قالوا: لا، قال ألستم تعلمون أن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، فهل يعلم عيسى شيئاً من ذلك إِلا ما علم؟ قالوا: لا، قال ألستم تعلمون أن ربنا لا يأكل الطعام ولا يشرب الشراب ولا يحدث الحدث وأن عيسى كان يطعم الطعام ويشرب الشراب ويحدث الحدث!! قالوا بلى فقال صلى الله عليه وسلم فكيف يكون كما زعمتم؟ فسكتوا وأبوا إِلا الجحود فأنزل الله من أول السورة إِلى نيفٍ وثمانين آية.
التفسِير: { الۤمۤ } إِشارة إِلى إِعجاز القرآن وأنه منظوم من أمثال هذه الحروف الهجائية وقد تقدّم في أول البقرة { ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } أي لا ربَّ سواه ولا معبود بحقٍ غيره { ٱلْحَيُّ ٱلْقَيُّومُ } أي الباقي الدائم الذي لا يموت، القائم على تدبير شئون عباده { نَزَّلَ عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ بِٱلْحَقِّ } أي نزّل عليك يا محمد القرآن بالحجج والبراهين القاطعة { مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ } أي من الكتب المنزّلة قبله المطابقة لما جاء به القرآن { وَأَنزَلَ ٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإِنْجِيلَ * مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ } أي أنزل الكتابين العظيمين "التوراة" و "الإِنجيل" من قبل إِنزال هذا القرآن هداية لبني إِسرائيل { وَأَنزَلَ ٱلْفُرْقَانَ } أي جنس الكتب السماوية لأنها تفرق بين الحق والباطل، والهدى والضلال، وقيل: المراد بالفرقان القرآنُ وكرّر تعظيماً لشأنه { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ } أي جحدوا بها وأنكروها وردّوها بالباطل { لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ } أي عظيم أليم في الآخرة { وَٱللَّهُ عَزِيزٌ ذُو ٱنْتِقَامٍ } أي غالب على أمره لا يُغلب، منتقم ممن عصاه { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَخْفَىٰ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فِي ٱلسَّمَآءِ } أي لا يغيب ولا يغرب عن علمه أمرٌ من الأمور، فهو مطَّلع على كل ما في الكون لا تخفى عليه خافية { هُوَ ٱلَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي ٱلأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَآءُ } أي يخلقكم في أرحام أمهاتكم كما يشاء من ذكرٍ وأنثى، وحَسن وقبيح { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } أي لا ربّ سواه، متفردٌ بالوحدانية والألوهية، العزيز في ملكه الحكيم في صنعه، وفي الآية ردٌّ على النصارى حيث ادعوا ألوهية عيسى فنبّه تعالى بكونه مصوّراً في الرحم، وأنه لا يعلم الغيب على أنه عبد كغيره من العباد { هُوَ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ } أي أنزل عليك يا محمد القرآن العظيم { مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ ٱلْكِتَابِ } أي فيه آيات بينات واضحات الدلالة، لا التباس فيها ولا غموض كآيات الحلال والحرام، هنَّ أصل الكتاب وأساسه { وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ } أي وفيه آيات أُخَر فيها اشتباه في الدلالة على كثير من الناس، فمن ردّ المتشابه إِلى الواضح المحكم فقد اهتدى، وإِن عكس فقد ضلّ ولهذا قال تعالى { فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ } أي فأمّا من كان في قلبه ميلٌ عن الهدى إِلى الضلال فيتبع المتشابه منه ويفسّره على حسب هواه { ٱبْتِغَاءَ ٱلْفِتْنَةِ وَٱبْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ } أي طلباً لفتنة الناس في دينهم، وإِيهاماً للأتباع بأنهم يبتغون تفسير كلام الله، كما فعل النصارى الضالون حيث احتجوا بقوله تعالى في شأن عيسى
{ { وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ } [النساء: 171] على أن عيسى ابن الله أو هو جزء من الله فادعوا ألوهيته وتركوا المحكم وهو قوله تعالى { { إِنْ هُوَ إِلاَّ عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ } [الزخرف: 59] الدالّ على أنه عبد من عباد الله ورسول من رسله { وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ ٱللَّهُ } أي لا يعلم تفسير المتشابه ومعناه الحقيقي إِلا الله وحده { وَٱلرَّاسِخُونَ فِي ٱلْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ } أي الثابتون المتمكنون من العلم يؤمنون بالمتشابه وأنه من عند الله { كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا } أي كلٌ من المتشابه والمحكم حقٌ وصدق لأنه كلام الله، قال تعالى { وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ } أي ما يتعظ ويتدبر إِلا أصحاب العقول السليمة المستنيرة { رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا } أي لا تُمِلْها عن الحق ولا تضلّنا { بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا } أي بعد أن هديتنا إِلى دينك القويم وشرعك المستقيم { وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنْكَ رَحْمَةً } أي امنحنا من فضلك وكرمك رحمةً تثبتنا بها على دينك الحق { إِنَّكَ أَنْتَ ٱلْوَهَّابُ } أي أنت يا رب المتفضل على عبادك بالعطاء والإِحسان { رَبَّنَآ إِنَّكَ جَامِعُ ٱلنَّاسِ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ } أي جامع الخلائق في ذلك اليوم الرهيب "يوم الحساب" الذي لا شك فيه { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُخْلِفُ ٱلْمِيعَادَ } أي وعدك حق وأنت يا رب لا تخلف الموعد، كقوله تعالى { { ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ ٱللَّهِ حَدِيثاً } [النساء: 87]؟!
البَلاَغَة: 1- { نَزَّلَ عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ } عبّر عن القرآن بالكتاب الذي هو اسم جنس إِيذاناً بكمال تفوقه على بقية الكتب السماوية كأنه هو الحقيق بأن يطلق عليه اسم الكتاب.
2- { لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ } كناية عمّا تقدمه وسبقه من الكتب السماوية فسمى ما مضى بين يديه لغاية ظهوره واشتهاره.
3- { وَأَنزَلَ ٱلْفُرْقَانَ } أي أنزل سائر ما يفرق بين الحق والباطل فهو من باب عطف العام على الخاص حيث ذكر أولاً الكتب الثلاثة ثم عمَّ الكتب كلها لإِفادة الشمول مع العناية بالخاص.
4- { هُنَّ أُمُّ ٱلْكِتَابِ } قال الشريف الرضي: هذه استعارة والمراد بها أن هذه الآيات جماع الكتاب وأصله فهي بمنزلة الأم له، وكأنَّ سائر القرآن يتبعها أو يتعلق بها كما يتعلق الولد بأمه ويفزع إِليها في مهمه.
5- { وَٱلرَّاسِخُونَ فِي ٱلْعِلْمِ } وهذه استعارة والمراد بها المتمكنون في العلم تشبيهاً برسوخ الشىء الثقيل في الأرض الخوَّارة وهو أبلغ من قوله والثابتون في العلم.
الفوَائِد: الأولى: روى مسلم عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا { هُوَ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ ٱلْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ } الآية ثم قال:
"إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمّاهم الله فاحذروهم" .
الثانية: قال القرطبي: أحسن ما قيل في المتشابه والمحكم: أنَّ المحكم ما عُرف تأويله وفهم معناه وتفسيره، والمتشابه ما استأثر الله تعالى بعلمه دون خلقه ولم يكن لأحدٍ إِلى علمه سبيل، قال بعضهم: وذلك مثل وقت قيام الساعة، وخروج يأجوج ومأجوج، وخروج الدجال، وعيسى، ونحو الحروف المقطعة في أوائل السور.
الثالثة: آيات القرآن قسمان: محكمات ومتشابهات كما دلت عليه الآية الكريمة، فإِن قيل: كيف يمكن التوفيق بين هذه الآية وبين ما جاء في سورة هود أن القرآن كلَّه محكمٌ
{ { كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ } [الآية: 1] وما جاء في الزمر أن القرآن كلَّه متشابهٌ { { نَزَّلَ أَحْسَنَ ٱلْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً } [الآية: 23]؟! فالجواب أنه لا تعارض بين الآيات إذ كل آية لها معنى خاص غير ما نحن في صدده فقوله { { أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ } [هود: 1] بمعنى أنه ليس به عيب، وأنه كلامٌ حقٌ فصيح الألفاظ، صحيح المعاني وقوله { { كِتَاباً مُّتَشَابِهاً } [الزمر: 23] بمعنى أنه يشبه بعضه بعضاً في الحُسن ويصدق بعضه بعضاً، فلا تعارض بين الآيات.
الرابعة: روى البخاري عن سعيد بن جبير أن رجلاً قال لابن عباس: إِني أجد في القرآن أشياءَ تختلف عليَّ، قال: ما هو؟ قال قوله تعالى:
{ { فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَآءَلُونَ } [المؤمنون: 101] وقال: { { وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ } [الصافات: 27] وقال تعالى: { { وَلاَ يَكْتُمُونَ ٱللَّهَ حَدِيثاً } [النساء: 42] وقال { { وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } [الأنعام: 23] فقد كتموا في هذه الآية، وفي النازعات ذكرَ خلق السماء قبل خلق الأرض، وفي فصِّلت ذَكَر خلق الأرض قبل خلق السماء، وقال: { { وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً } [النساء: 96] { { وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً } [النساء: 158] { { وَكَانَ ٱللَّهُ سَمِيعاً بَصِيراً } [النساء: 134] فكأنه كان ثم مضى.. فقال ابن عباس: { { فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ } [المؤمنون: 101] في النفخة الأولى { { فَصَعِقَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ مَن شَآءَ ٱللَّهُ } [الزمر: 68] فلا أنساب بينهم عند ذلك ولا يتساءلون، ثم في النفخة الآخرة أقبل بعضهم على بعض يتساءلون، وأما قوله { { مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } [الأنعام: 23] { { وَلاَ يَكْتُمُونَ ٱللَّهَ حَدِيثاً } [النساء: 42] فإٍِن الله يغفر لأهل الإِخلاص ذنوبهم فيقول المشركون تعالوا نقول: لم نكن مشركين، فختم الله على أفواههم فتنطق جوارحهم بأعمالهم فعند ذلك عُرف أن الله لا يكتم حديثاً وعنده يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين، وخلق الله الأرض في يومين ثم استوى إِلى السماء فسواهنَّ سبع سماوات في يومين، ثم دحا الأرض أي بسطها فأخرج منها الماء والمرعى وخلق فيها الجبال والأشجار والآكام وما بينها في يومين آخرين فذلك قوله { { وَٱلأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا } [النازعات: 30] فخلقت الأرض وما فيها في أربعة ايام وخلقت السماء في يومين، وقوله { { وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً } [النساء: 96] فسمّى نفسه ذلك أي لم يزل ولا يزال كذلك، ويحكَ فلا يختلف عليك القرآن فإِن كلاً من عند الله.