التفاسير

< >
عرض

وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلسَّيِّئَةِ قَبْلَ ٱلْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ ٱلْمَثُلاَتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَىٰ ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ ٱلْعِقَابِ
٦
-الرعد

مختصر تفسير ابن كثير

يقول تعالى: { وَيَسْتَعْجِلُونَكَ } أي هؤلاء المكذبون، { بِٱلسَّيِّئَةِ قَبْلَ ٱلْحَسَنَةِ } أي بالعقوبة، كما أخبر عنهم في قوله: { { وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلْعَذَابِ } [الحج: 47] الآية، وقال تعالى: { { سَأَلَ سَآئِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ } [المعارج: 1]، وقال: { { يَسْتَعْجِلُ بِهَا ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِهَا } [الشورى: 18]، وقال: { { وَقَالُواْ رَبَّنَا عَجِّل لَّنَا قِطَّنَا } [ص: 16] الآية، أي عقابنا وحسابنا، فكانوا من شدة تكذيبهم وعنادهم وكفرهم، يطلبون أن يأتيهم بعذاب الله، قال الله تعالى: { وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ ٱلْمَثُلاَتُ } أي قد أوقعنا نقمنا بالأمم الخالية، وجعلناهم عبرة وعظة لمن اتعظ بهم؛ ثم أخبر تعالى أنه لولا حلمه وعفوه لعاجلهم بالعقوبة كما قال: { { وَلَوْ يُؤَاخِذُ ٱللَّهُ ٱلنَّاسَ بِمَا كَسَبُواْ مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهْرِهَا مِن دَآبَّةٍ } [فاطر: 45]، وقال تعالى في هذه الآية الكريمة: { وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَىٰ ظُلْمِهِمْ } أي إنه تعالى ذو عفو وصفح وستر للناس، مع أنهم يظلمون ويخطئون بالليل والنهار، ثم قرن هذا الحكم بأنه شديد العقاب ليعتدل الرجاء والخوف، كما قال تعالى: { { فَإِن كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَّبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ ٱلْقَوْمِ ٱلْمُجْرِمِينَ } [الأنعام: 147]، وقال: { { إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ ٱلْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ } [الأنعام: 167] إلى أمثال ذلك من الآيات التي تجمع الرجاء والخوف، عن سعيد بن المسيب قال: لما نزلت هذه الآية: { وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَىٰ ظُلْمِهِمْ } قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لولا عفو الله وتجاوزه ما هنأ أحداً العيش، ولولا وعيده وعقابه لا تكل كل أحد" .