التفاسير

< >
عرض

وَمَثَلُ ٱلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوٰلَهُمُ ٱبْتِغَآءَ مَرْضَاتِ ٱللَّهِ وَتَثْبِيتاً مِّنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
٢٦٥
-البقرة

مختصر تفسير ابن كثير

وهذا مثل المؤمنين المنفقين أموالهم ابتغاء مرضات الله عنهم في ذلك { وَتَثْبِيتاً مِّنْ أَنْفُسِهِمْ }، أي وهم متحققون ومتثبتون أن الله سيجزيهم على ذلك أوفر الجزاء. ونظير هذا في معنى قوله عليه السلام في الحديث الصحيح المتفق على صحته: "من صام رمضان إيماناً واحتساباً" الحديث أي يؤمن أن الله شرعه ويحتسب عند الله وثوابه، قال الشعبي: { وَتَثْبِيتاً مِّنْ أَنْفُسِهِمْ } أي تصديقاً ويقيناً.
وقوله تعالى: { كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ } أي كمثل بستان بربوة، وهو عند الجمهور المكان المرتفع من الأرض وزاد ابن عباس والضحاك: وتجري فيه الأنهار.
وقوله تعالى: { أَصَابَهَا وَابِلٌ } وهو المطر الشديد كما تقدم، { فَآتَتْ أُكُلَهَا } أي ثمرتها، { ضِعْفَيْنِ } أي بالنسبة إلى غيرها من الجنان، { فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ }، قال الضحاك: هو الرذاذ وهو اللين من المطر، أي هذه الجنة بهذه الربوة لا تمحل أبداً لأنها إن لم يصبها وابل فطل، وأياً ما كان فهو كفايتها، وكذلك عمل المؤمن لا يبور أبداً بل يتقبله الله ويكثره وينمِّيه، كل عامل بحسبه، ولهذا قال: { وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } أي لا يخفى عليه من أعمال عباده شيء.