التفاسير

< >
عرض

أَلاۤ إِنَّ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُواْ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمُ
٦٤
-النور

مختصر تفسير ابن كثير

يخبر تعالى أنه مالك السماوات والأرض، وأنه عالم الغيب والشهادة وهو عالم بما العباد عاملون في سرهم وجهرهم فقال: { قَدْ يَعْلَمُ مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ }، وقد للتحقيق، كما قال قبلها { { قَدْ يَعْلَمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذاً } [النور: 63]، وقال تعالى: { { قَدْ يَعْلَمُ ٱللَّهُ ٱلْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ } [الأحزاب: 18] الآية، فكل هذه الآيات فيها تحقيق الفعل بقد، فقوله تعالى: { قَدْ يَعْلَمُ مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ } أي هو عالم به مشاهد له لا يعزب عنه مثقال ذرة، كما قال تعالى: { { وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُواْ مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فِي ٱلسَّمَآءِ وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذٰلِكَ وَلاۤ أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ } [يونس: 61]، وقال تعالى: { { أَفَمَنْ هُوَ قَآئِمٌ عَلَىٰ كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ } [الرعد: 33] أي هو شهيد على عباده بما هم فاعلون من خير وشر، وقال تعالى: { { سَوَآءٌ مِّنْكُمْ مَّنْ أَسَرَّ ٱلْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ } [الرعد: 10] الآية. والآيات والأحاديث في هذا كثيرة جداً. وقوله: { وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ } أي ويوم يرجع الخلائق إلى الله يوم القيامة { فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُواْ } أي يخبرهم بما فعلوا في الدنيا من جليل وحقير وصغير وكبير، كما قال تعالى: { { يُنَبَّأُ ٱلإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ } [القيامة: 13]، وقال: { { وَوُضِعَ ٱلْكِتَابُ فَتَرَى ٱلْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يٰوَيْلَتَنَا مَالِ هَـٰذَا ٱلْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِراً وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً } [الكهف: 49]، ولهذا قال هٰهنا: { وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُواْ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمُ } والحمد لله رب العالمين.