التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَقَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُواْ فِي ٱلأَرْضِ أَوْ كَانُواْ غُزًّى لَّوْ كَانُواْ عِنْدَنَا مَا مَاتُواْ وَمَا قُتِلُواْ لِيَجْعَلَ ٱللَّهُ ذٰلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَٱللَّهُ يُحْيِـي وَيُمِيتُ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
١٥٦
وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ
١٥٧
وَلَئِنْ مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى ٱلله تُحْشَرُونَ
١٥٨
-آل عمران

مختصر تفسير ابن كثير

ينهى تعالى عباده المؤمنين عن مشابهة الكفّار في اعتقادهم الفاسد الدال عليه قولهم عن إخوانهم الذين ماتوا في الأسفار والحروب: لو كانوا تركوا ذلك لما أصابهم ما أصابهم، فقال تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَقَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ } أي عن إخوانهم، { إِذَا ضَرَبُواْ فِي ٱلأَرْضِ } أي سافروا للتجارة ونحوها، { أَوْ كَانُواْ غُزًّى } أي كانوا في الغزو، { لَّوْ كَانُواْ عِنْدَنَا } أي في البلد، { مَا مَاتُواْ وَمَا قُتِلُواْ } أي ما ماتوا في السفر وما قتلوا في الغزو. وقوله تعالى: { لِيَجْعَلَ ٱللَّهُ ذٰلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ } أي خلق هذا الاعتقاد في نفوسهم ليزدادوا حسرة على موتاهم، ثم قال تعالى رداً عليهم: { وَٱللَّهُ يُحْيِـي وَيُمِيتُ } أي بيده الخلق وإليه يرجع الأمر، ولا يحيا أحد ولا يموت أحد إلا بمشيئته وقَدَره، ولا يزاد في عمر أحد ولا ينقص منه شيء إلا بقضائه وقدره، { وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } أي علمه وبصره نافذ في جميع خلقه، لا يخفى عليه من أمورهم شيء، وقوله تعالى: { وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ } تضمن هذا أن القتل في سبيل الله والموت أيضاً وسيلة إلى نيل رحمة الله وعفوه ورضوانه، وذلك خير من البقاء في الدنيا وجمع حطامها الفاني، ثم أخبر تعالى بأن كل من مات أو قتل فمصيره ومرجعه إلى الله عزّ وجلّ فيجزيه بعمله، إن خيراً فخير وإن شراً فشر فقال تعالى: { وَلَئِنْ مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى ٱلله تُحْشَرُونَ }.