مكتبة التفاسير
فهرس القرآن
التفاسير الأكثر قراءة
كتب أخرىٰ
التفاسير العظيمة
التفاسير العظيمة
يحتوي الموقع على 91 تفسير للقرآن الكريم و 25 كتاب في علوم القرآن
English
القائمة
الرئيسية
القرآن والتجويد
التفاسير
علم القراءات
علوم القرآن
بحث وفهارس
كتب متفرقة
تراجم
دراسات قرانية
الإعجاز العلمي
خريطة الموقع
نبذة عنا
خريطة الموقع
>
قائمة التفاسير
>
التفسير
التفاسير
١ الفاتحة
٢ البقرة
٣ آل عمران
٤ النساء
٥ المائدة
٦ الأنعام
٧ الأعراف
٨ الأنفال
٩ التوبة
١٠ يونس
١١ هود
١٢ يوسف
١٣ الرعد
١٤ إبراهيم
١٥ الحجر
١٦ النحل
١٧ الإسراء
١٨ الكهف
١٩ مريم
٢٠ طه
٢١ الأنبياء
٢٢ الحج
٢٣ المؤمنون
٢٤ النور
٢٥ الفرقان
٢٦ الشعراء
٢٧ النمل
٢٨ القصص
٢٩ العنكبوت
٣٠ الروم
٣١ لقمان
٣٢ السجدة
٣٣ الأحزاب
٣٤ سبأ
٣٥ فاطر
٣٦ يس
٣٧ الصافات
٣٨ ص
٣٩ الزمر
٤٠ غافر
٤١ فصلت
٤٢ الشورى
٤٣ الزخرف
٤٤ الدخان
٤٥ الجاثية
٤٦ الأحقاف
٤٧ محمد
٤٨ الفتح
٤٩ الحجرات
٥٠ ق
٥١ الذاريات
٥٢ الطور
٥٣ النجم
٥٤ القمر
٥٥ الرحمن
٥٦ الواقعة
٥٧ الحديد
٥٨ المجادلة
٥٩ الحشر
٦٠ الممتحنة
٦١ الصف
٦٢ الجمعة
٦٣ المنافقون
٦٤ التغابن
٦٥ الطلاق
٦٦ التحريم
٦٧ الملك
٦٨ القلم
٦٩ الحاقة
٧٠ المعارج
٧١ نوح
٧٢ الجن
٧٣ المزمل
٧٤ المدثر
٧٥ القيامة
٧٦ الإنسان
٧٧ المرسلات
٧٨ النبأ
٧٩ النازعات
٨٠ عبس
٨١ التكوير
٨٢ الانفطار
٨٣ المطففين
٨٤ الانشقاق
٨٥ البروج
٨٦ الطارق
٨٧ الأعلى
٨٨ الغاشية
٨٩ الفجر
٩٠ البلد
٩١ الشمس
٩٢ الليل
٩٣ الضحى
٩٤ الشرح
٩٥ التين
٩٦ العلق
٩٧ القدر
٩٨ البينة
٩٩ الزلزلة
١٠٠ العاديات
١٠١ القارعة
١٠٢ التكاثر
١٠٣ العصر
١٠٤ الهمزة
١٠٥ الفيل
١٠٦ قريش
١٠٧ الماعون
١٠٨ الكوثر
١٠٩ الكافرون
١١٠ النصر
١١١ المسد
١١٢ الاخلاص
١١٣ الفلق
١١٤ الناس
<
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
131
132
133
134
135
136
137
138
139
140
141
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157
158
159
160
161
162
163
164
165
166
167
168
169
170
171
172
173
174
175
176
177
178
179
180
181
182
183
184
185
186
187
188
189
190
191
192
193
194
195
196
197
198
199
200
>
--- كل المدارس ---
أمهات التفاسير
تفاسير أهل السنة
تفاسير أهل السنة الصوفية
تفاسير أهل السنة السلفية
تفاسير ميسرة
تفاسير الشيعة الإثنى عشرية
تفاسيرالزيدية
تفاسيرالاباضية
تفاسير حديثة
تفاسير مختصرة
--- اختر التفسير---
تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ)
تيسير التفسير/ القطان (ت 1404 هـ)
المنتخب في تفسير القرآن الكريم / لجنة القرآن و السنة
أيسر التفاسير/ د. أسعد حومد (ت 2011م)
تفسير آيات الأحكام/ الصابوني (مـ 1930م -)
مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -)
صفوة التفاسير/ الصابوني (مـ 1930م -)
عرض
وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ
١٦٩
فَرِحِينَ بِمَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِٱلَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ
١٧٠
يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُؤْمِنِينَ
١٧١
ٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ للَّهِ وَٱلرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَآ أَصَابَهُمُ ٱلْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَٱتَّقَواْ أَجْرٌ عَظِيمٌ
١٧٢
ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَٱخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا ٱللَّهُ وَنِعْمَ ٱلْوَكِيلُ
١٧٣
فَٱنْقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوۤءٌ وَٱتَّبَعُواْ رِضْوَانَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ
١٧٤
إِنَّمَا ذٰلِكُمُ ٱلشَّيْطَـٰنُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ
١٧٥
-آل عمران
أضف للمقارنة
مختصر تفسير ابن كثير
يخبر تعالى عن الشهداء بأنهم، وإن قتلوا في هذه الدار، فإن أرواحهم حية مرزوقة في دار القرار، روى ابن جرير بسنده عن أنَس بن مالك في قصة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين أرسلهم نبي الله إلى أهل (بئر معونة) قال: لا أدري أربعين أو سبعين، وعلى ذلك الماء عامر بن الطفيل الجعفري، فخرج أولئك النفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتو غاراً مشرفاً على الماء فقعدوا فيه، ثم قال بعضهم لبعض: أيكم يبلغ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل هذا الماء؟ فقال - أراه أبو ملحان الأنصاري - أنا أبلغ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج حتى أتى حول بيتهم فاجتثى أمام البيوت ثم قال: يا أهل بئر معونة إني رسول رسول الله إليكم، إني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، فآمنوا بالله ورسوله. فخرج إليه رجل من كسر البيت برمح فضربه في جنبه حتى خرج من الشق الآخر، فقال: الله أكبر فزت ورب الكعبة، فاتبعوا أثره حتى أتوا أصحابه في الغار فقتلهم أجمعين (عامر بن الطفيل).
وقال ابن إسحاق: حدثني أنس بن مالك أن الله أنزل فيهم قرآناً، بلغوا عنا قومنا أنا قد لقينا ربنا فرضي عنا ورضينا عنه، ثم نسخت فرفعت بعدما قرأناها زماناً، وأنزل الله تعالى: { وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ }، وقد قال مسلم في صحيحه، عن مسروق قال: سألنا عبد الله عن هذه الآية: { وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ } فقال: أما إنا قد سألنا عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
"أرواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش، تسرح من الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى تلك القناديل، فاطلع عليهم ربهم اطلاعة فقال: هل تشتهون شيئاً؟ فقالوا: أي شيء نشتهي ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا؟ ففعل ذلك بهم ثلاث مرات، فلما رأوا أنهم لن يتركوا من أن يسألوا قالوا: يا رب نريد أن تردَّ أرواحنا في أجسادنا حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى، فلما رأى أن ليس لهم حاجة تركوا"
.
(حديث آخر): عن أنَس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"ما من نفس تموت لها عند الله خير، يسرها أن ترجع إلى الدنيا إلا الشهيد، فإنه يسره أن يرجع إلى الدنيا فيقتل مرة أخرى مما يرى من فضل الشهادة"
.
(حديث آخر): عن جابر قال، قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"أعلمت أن الله أحيا أباك فقال له: تمنَّ، فقال له: أردُّ إلى الدنيا فأقتل فيك مرة أخرى، قال: إني قضيت أنهم إليها لا يرجعون"
. وقال البخاري، عن ابن المنكدر، سمعت جابراً قال: لما قتل أبي جعلت أبكي وأكشف الثوب عن وجهه، فجعل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهوني والنبي صلى الله عليه وسلم لم ينه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
"لا تبكيه - أو ما تبكيه - ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفع"
.
(حديث آخر): عن ابن عباس قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"لما أصيب إخوانكم يوم أُحد جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها، وتأوي إلى قناديل من ذهب في ظل العرش، فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم، وحسن مقيلهم، قالوا: يا ليت إخواننا يعلمون ما صنع الله بنا لئلا يزهدوا في الجهاد، ولا ينكلوا عن الحرب، فقال الله عزّ وجلّ: أنا أبلغهم عنكم، فأنزل الله هذه الآيات: { وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ } وما بعدها"
.
(حديث آخر): عن طلحة بن خراش الأنصاري قال:
"سمعت جابر بن عبد الله قال: نظر إليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال: يا جابر مالي أراك مهتماً؟ قلت: يا رسول الله استشهد أبي وترك ديناً عليه، قال، فقال: ألا أخبرك ما كلم الله أحداً قط إلا من وراء حجاب، وإنه كلم أباك كفاحاً، قال علي: والكفاح المواجهة. قال سلني أعطك قال: أسألك أن أرد إلى الدنيا فأقتل فيك ثانية فقال الرب عزّ وجلّ إنه قد سبق مني القول أنهم إليها لا يرجعون، قال: أي رب فأبلغ من ورائي فأنزل الله: { وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمْوَاتاً } الآية"
.
وقد روينا في مسند الإمام أحمد حديثاً فيه البشارة لكل مؤمن بأن روحه تكون في الجنة تسرح أيضاً فيها وتأكل من ثمارها وترى ما فيها من النضرة والسرور، وتشاهد ما أعد الله لها من الكرامة، وهو بإسناد صحيح عزيز عظيم اجتمع فيه ثلاثة من الأئمة الأربعة (أصحاب المذاهب المتبعة) فإن الإمام أحمد
رحمه الله
رواه عن محمد بن إدريس الشافعي
رحمه الله
، عن مالك بن أنَس الأصبحي
رحمه الله
، عن الزهري عبد الرحمٰن بن كعب بن مالك عن أبيه
رضي الله عنه
قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة حتى يرجعه الله إلى جسده يوم يبعثه"
. قوله: "يعلق" أي يأكل. وفي الحديث:
"إن روح المؤمن تكون على شكل طائر في الجنة"
وأما أرواح الشهداء فكما تقدم في حواصل طير خضر فهي كالكواكب بالنسبة إلى أرواح عموم المؤمنين فإنها تطير بأنفسها، فنسأل الله الكريم المنان أن يميتنا على الإيمان.
وقوله تعالى: { فَرِحِينَ بِمَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ } إلى آخر الآية: أي الشهداء الذين قتلوا في سبيل الله أحياء عند ربهم، وهم فرحون بما هم فيه من النعمة والغبطة، ومستبشرون بإخوانهم الذين يقتلون بعدهم في سبيل الله أنهم يقدمون عليهم، وأنهم لا يخافون مما أمامهم ولا يحزنون على ما تركوه وراءهم، نسأل الله الجنة. وقال محمد بن إسحاق: { وَيَسْتَبْشِرُونَ } أي ويسرون بلحوق من لحقهم من إخوانهم على ما مضوا عليه من جهادهم، ليشركوهم فيما هم فيه من ثواب الله الذي أعطاهم. قال السدي: يؤتى الشهيد بكتاب فيه يقدم عليك فلان يوم كذا وكذا، ويقدم عليك فلان يوم كذا وكذا، فيسر بذلك كما يسر أهل الدنيا بغائبهم إذا قدم. قال سعيد بن جبير: لما دخلوا الجنة ورأوا ما فيها من الكرامة للشهداء قالوا: يا ليت إخواننا الذين في الدنيا يعلمون ما عرفناه من الكرامة، فإذا شهدوا القتال باشروها بأنفسهم حتى يستشهدوا فيصيبوا ما أصبنا من الخير، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمرهم وما هم فيه من الكرامة، وأخبرهم - أي ربهم - أني قد أنزلت على نبيكم وأخبرته بأمركم وما أنتم فيه فاستبشروا بذلك، فذلك قوله: { وَيَسْتَبْشِرُونَ بِٱلَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ } الآية.
وقد ثبت في الصحيحين عن أنَس في قصة أصحاب بئر معونة السبعين من الأنصار الذين قتلوا في غداة واحدة، وقنت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو على الذين قتلوهم ويلعنهم. قال أنَس: ونزل فيهم قرآن قرأناه حتى رفع: "أن بلِّغوا عنا قومنا أنا قد لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا".
ثم قال تعالى: { يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُؤْمِنِينَ }، قال عبد الرحمٰن بن زيد بن أسلم: هذه الآية جمعت المؤمنين كلهم سواء الشهداء وغيرهم، وقلما ذكر الله فضلاً ذكر به الأنبياء وثواباً أعطاهم الله إياه إلا ذكر ما أعطى المؤمنين من بعدهم.
وقوله تعالى: { ٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ للَّهِ وَٱلرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَآ أَصَابَهُمُ ٱلْقَرْحُ } هذا كان يوم (حمراء الأسد) وذلك أن المشركين لما أصابوا ما أصابوا من المسلمين كروا راجعين إلى بلادهم، فلما استمروا في سيرهم ندموا لم لا تمَّموا على أهل المدينة وجعلوها الفيصلة، فلما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ندب المسلمين إلى الذهاب وراءهم ليرعبهم ويريهم أن بهم قوة وجلداً، ولم يأذن لأحد سوى من حضر الوقعة يوم أحد سوى جابر بن عبد الله
رضي الله عنه
لما سنذكره، فانتدب المسلمون على ما بهم من الجراح والإثخان طاعة لله عزّ وجلّ ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وعن عكرمة أنه: لما رجع المشركون عن أحد قالوا: لا محمداً قتلتم، ولا الكواعب أردفتم، بئسما صنعتم، ارجعوا فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، فندب المسلمين فانتدبوا حتى بلغوا (حمراء الأسد) فقال المشركون: نرجع من قابل، فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانت تعد غزوة فأنزل الله تعالى: { ٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ للَّهِ وَٱلرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَآ أَصَابَهُمُ ٱلْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَٱتَّقَواْ أَجْرٌ عَظِيمٌ }.
قال محمد بن إسحاق: عن أبي السائب مولى عائشة بنت عثمان: أن رجلاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قد شهد أُحداً، قال: شهدنا أُحداً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وأخي ورجعنا جريحين، فلما أذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخروج في طلب العدو قلت لأخي: أتفوتنا غزوة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ والله ما لنا من دابة نركبها، وما منا إلا جريح ثقيل، فخرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكنت أيسر جراحاً منه؛ فكان إذا غلب حملته عقبة؛ حتى انتهينا إلى ما انتهى إليه المسلمون. وقال البخاري عن عائشة
رضي الله عنه
ا: { ٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ للَّهِ وَٱلرَّسُولِ } الآية، قلت لعروة: يا ابن أختي كان أبوك منهم (الزبير) و (أبو بكر)
رضي الله عنه
ما لما أصاب نبي الله صلى الله عليه وسلم ما أصابه يوم أحد وانصرف عنه المشركون خاف أن يرجعوا فقال: "من يرجع في أثرهم"، فانتدب منهم سبعون رجلاً فيهم أبو بكر والزبير. وروي عن عروة قال: قالت لي عائشة إن أباك من الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح. وكانت وقعة أُحُد في شوّال، وكان التجار يقدمون المدينة في ذي القعدة فينزلون ببدر الصغرى في كل سنة مرة، وإنهم قدموا بعد وقعة أحد، وكان أصاب المؤمنين القرح واشتكوا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم واشتد عليهم الذي أصابهم، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ندب الناس لينطلقوا معه ويتبعوا ما كانوا متبعين، وقال:
"إنما يرتحلون الآن فيأتون الحج ولا يقدرون على مثلها حتى عام مقبل"
، فجاء الشيطان يخوف أولياءه فقال: { إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ } وقال الحسن البصري في قوله: { ٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ للَّهِ وَٱلرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَآ أَصَابَهُمُ ٱلْقَرْحُ } إن أبا سفيان وأصحابه أصابوا من المسلمين ما أصابوا ورجعوا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إن أبا سفيان قد رجع وقد قذف الله في قلبه الرعب، فمن ينتدب في طلبه، فقام النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فتبعوهم، فبلغ أبا سفيان أن النبي صلى الله عليه وسلم يطلبه فلقي عيراً من التجار فقال: ردوا محمداً ولكم من الجعل كذا وكذا، وأخبروهم أني قد جمعت جموعاً وأني راجع إليهم، فجاء التجار فأخبروا رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: حسبنا الله ونعم الوكيل فأنزل الله هذه الآية"
.
وقوله تعالى: { ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَٱخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً } الآية، أي الذين توعدهم الناس بالجموع وخوفوهم بكثرة الأعداء فما اكترثوا لذلك، بل توكلوا على الله واستعانوا به، { وَقَالُواْ حَسْبُنَا ٱللَّهُ وَنِعْمَ ٱلْوَكِيلُ }، وقال البخاري، عن ابن عباس: { حَسْبُنَا ٱللَّهُ وَنِعْمَ ٱلْوَكِيلُ } قالها إبراهيم
عليه السلام
حين ألقي في النار، وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قال لهم الناس { إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَٱخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا ٱللَّهُ وَنِعْمَ ٱلْوَكِيلُ } وفي رواية له: كان آخر قول إبراهيم
عليه السلام
حين ألقي في النار: { حَسْبُنَا ٱللَّهُ وَنِعْمَ ٱلْوَكِيلُ }. وعن أبي رافع أن النبي صلى الله عليه وسلم وجه علياً في نفر معه في طلب أبي سفيان فلقيهم أعرابي من خزاعة فقال: إن القوم قد جمعوا لكم فقالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل فنزلت فيهم هذه الآية.
وفي الحديث:
"إذا وقعتم في الأمر العظيم فقولوا: حسبنا الله ونعم الوكيل"
. وقد قال الإمام أحمد، عن عوف بن مالك أنه حدثهم،
"أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بين رجلين، فقال المقضي عليه لما أدبر: حسبي الله ونعم الوكيل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ردوا عليّ الرجل، فقال: ما قلت؟، قال: قلت حسبي الله ونعم الوكيل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله يلوم على العجز ولكن عليك بالكيس، فإذا غلبك أمر فقل: حسبي الله ونعم الوكيل"
.
قال تعالى: { فَٱنْقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوۤءٌ } أي لما توكلوا على الله كفاهم ما أهمهم، ورد عنهم بأس من أراد كيدهم فرجعوا إلى بلدهم: { بِنِعْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوۤءٌ } مما أضمر لهم عدوهم، { وَٱتَّبَعُواْ رِضْوَانَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ }. عن ابن عباس في قول الله: { فَٱنْقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍ }، قال (النعمة) أنهم سلموا، و (الفضل) أن عيراً مرت في أيام الموسم فاشتراها رسول الله صلى الله عليه وسلم فربح فيها مالاً فقسمه بين أصحابه. وقال مجاهد في قول الله تعالى: { ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَٱخْشَوْهُمْ } قال هذا أبو سفيان قال لمحمد صلى الله عليه وسلم موعدكم بدر حيث قتلتم أصحابنا، فقال محمد صلى الله عليه وسلم: "عسى"، فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم لموعده حتى نزل بدراً فوافقوا السوق فيها فابتاعوا، فذلك قول الله عزّ وجلّ: { فَٱنْقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوۤءٌ } الآية، قال: وهي غزوة بدر الصغرى.
ثم قال تعالى: { إِنَّمَا ذٰلِكُمُ ٱلشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ } أي يخوفكم أولياءه ويوهمكم أنهم ذوو بأس وذوو شدة قال الله تعالى: { فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ } إذا سوَّل لكم وأوهمكم فتوكلوا عليّ والجأوا إليَّ، فإني كافيكم وناصركم عليهم، كما قال تعالى:
{
{ أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِٱلَّذِينَ مِن دُونِهِ }
[الزمر: 36]، وقال تعالى:
{
{ فَقَاتِلُوۤاْ أَوْلِيَاءَ ٱلشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ ٱلشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً }
[النساء: 76]، وقال تعالى:
{
{ أُوْلَـٰئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الخَاسِرُونَ }
[المجادلة: 19]، وقال:
{
{ كَتَبَ ٱللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِيۤ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ }
[المجادلة: 21]، وقال:
{
{ وَلَيَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُ }
[الحج: 40]، وقال تعالى:
{
{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرْكُمْ }
[محمد: 7] الآية، وقال تعالى:
{
{ إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ ٱلأَشْهَادُ }
[غافر: 51] والآيات في ذلك كثيرة.
x
x
x
x
x
x
x
x
x
x
اختر كتب التفسير المراد اضافتها للمقارنة :
--- كل المدارس ---
أمهات التفاسير
تفاسير أهل السنة
تفاسير أهل السنة الصوفية
تفاسير أهل السنة السلفية
تفاسير ميسرة
تفاسير الشيعة الإثنى عشرية
تفاسيرالزيدية
تفاسيرالاباضية
تفاسير حديثة
تفاسير مختصرة
موافق
أعلى الصفحة
2025 © جميع الحقوق محفوظة