يخبر تعالى أنه { يُولِجُ ٱلْلَّيْلَ فِي ٱلنَّهَارِ } يعني يأخذ منه في النهار فيطول ذلك وبقصر هذا، وهذا يكون زمن الصيف يطول النهار إلى الغاية، ثم يشرع في النقص فيطول الليل ويقصر النهار وهذا يكون في الشتاء { وَسَخَّرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِيۤ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى } قيل إلى غاية محدودة، وقيل إلى يوم القيامة، وكلا المعنيين صحيح ويستشهد للقول الأول بحديث أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يا أبا ذر أتدري أين تذهب هذه الشمس؟ قلت الله ورسوله أعلم؟ قال: فإنها تذهب فتسجد تحت العرش ثم تستأذن ربها فيوشك أن يقال لها ارجعي من حيث جئت" ، وعن ابن عباس أنه قال: الشمس بمنزلة الساقية تجري بالنهار في السماء في فلكها، فإذا غربت جرت بالليل في فلكها تحت الأرض حتى تطلع من مشرقها، قال: وكذلك القمر، وقوله. { وَأَنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } المعنى أنه تعالى الخالق العالم بجميع الأشياء، وقوله تعالى: { ذَلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ ٱلْبَاطِلُ } أي إنما يظهر لكم آياته لتستدلوا بها على أنه الحق أي الإلٰه الحق، وأن كل ما سواه باطل، فإنه الغني عما سواه وكل شيء فقير إليه، الجميع خلقه وعبيده، لا يقدر أحد منهم على تحريك ذرة إلاّ بإذنه، ولو اجتمع كل أهل الأرض على أن يخلقوا ذباباً لعجزوا عن ذلك، ولهذا قال تعالى: { ذَلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ ٱلْبَاطِلُ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْعَلِيُّ ٱلْكَبِيرُ } أي العلي الذي لا أعلى منه، الكبير الذي هو أكبر من كل شيء، فالكل خاضع حقير بالنسبة إليه.