التفاسير

< >
عرض

قَدْ يَعْلَمُ ٱللَّهُ ٱلْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَٱلْقَآئِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلاَ يَأْتُونَ ٱلْبَأْسَ إِلاَّ قَلِيلاً
١٨
أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَآءَ ٱلْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَٱلَّذِي يُغْشَىٰ عَلَيْهِ مِنَ ٱلْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ ٱلْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى ٱلْخَيْرِ أوْلَـٰئِكَ لَمْ يُؤْمِنُواْ فَأَحْبَطَ ٱللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً
١٩
-الأحزاب

مختصر تفسير ابن كثير

يخبر تعالى عن إحاطة علمه بالمعوقين لغيرهم من شهود الحرب، والقائلين لإخوانهم أي أصحابهم وعشرائهم وخلطائهم { هَلُمَّ إِلَيْنَا } أي إلى ما نحن فيه من الإقامة في الظلال والثمار وهم مع ذلك { وَلاَ يَأْتُونَ ٱلْبَأْسَ إِلاَّ قَلِيلاً * أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ } أي بخلاء بالمودة والشفقة عليكم، وقال السدي { أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ } أي في الغنائم، { فَإِذَا جَآءَ ٱلْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَٱلَّذِي يُغْشَىٰ عَلَيْهِ مِنَ ٱلْمَوْتِ } أي من شدة خوفه وجزعه، وهكذا خوف هؤلاء الجبناء من القتال { فَإِذَا ذَهَبَ ٱلْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ } أي فإذا كان الأمن تكلموا كلاماً فصيحاً عالياً، وادعوا لأنفسهم الشجاعة والنجدة، وهم يكذبون في ذلك، قال ابن عباس: { سَلَقُوكُمْ } أي استقبلوكم، وقال قتادة: أما عند الغنيمة فأشح قوم وأسوأه مقاسمة أعطونا أعطونا، قد شهدنا معكم، وأما عند البأس فأجبن قوم وأخذله للحق، وهم مع ذلك { أَشِحَّةً عَلَى ٱلْخَيْرِ } أي ليس فيهم خير قد جمعوا الجبن والكذب وقلة الخير، فهم كما قال في أمثالهم الشاعر:

أفي السلم أعيار جفاء وغلظة وفي الحرب أمثال النساء العوارك؟

أي في حال المسألة كأنهم الحمر، وفي الحرب كأنهم النساء الحيض، ولهذا قال تعالى: { أوْلَـٰئِكَ لَمْ يُؤْمِنُواْ فَأَحْبَطَ ٱللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً } أي سهلاً هيناً عنده.