التفاسير

< >
عرض

وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَآءَهُمْ نَذِيرٌ لَّيَكُونُنَّ أَهْدَىٰ مِنْ إِحْدَى ٱلأُمَمِ فَلَمَّا جَآءَهُمْ نَذِيرٌ مَّا زَادَهُمْ إِلاَّ نُفُوراً
٤٢
ٱسْتِكْبَاراً فِي ٱلأَرْضِ وَمَكْرَ ٱلسَّيِّىءِ وَلاَ يَحِيقُ ٱلْمَكْرُ ٱلسَّيِّىءُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ سُنَّتَ ٱلأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ٱللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ٱللَّهِ تَحْوِيلاً
٤٣
-فاطر

مختصر تفسير ابن كثير

يخبر تعالى عن قريش والعرب أنهم أقسموا بالله { جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ } قبل إرسال الرسول إليهم { لَئِن جَآءَهُمْ نَذِيرٌ لَّيَكُونُنَّ أَهْدَىٰ مِنْ إِحْدَى ٱلأُمَمِ } أي من جميع الأمم الذين أرسل إليهم الرسل، كقوله تعالى: { أَوْ تَقُولُواْ لَوْ أَنَّآ أُنزِلَ عَلَيْنَا ٱلْكِتَابُ لَكُنَّآ أَهْدَىٰ مِنْهُمْ فَقَدْ جَآءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ } [الأنعام: 157]، وكقوله تعالى: { وَإِن كَانُواْ لَيَقُولُونَ * لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْراً مِّنَ ٱلأَوَّلِينَ * لَكُنَّا عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ * فَكَفَرُواْ بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } [الصافات: 167-170]، قال الله تعالى: { فَلَمَّا جَآءَهُمْ نَذِيرٌ } وهو محمد صلى الله عليه وسلم بما أنزل معه من الكتاب العظيم وهو القرآن المبين { مَّا زَادَهُمْ إِلاَّ نُفُوراً } أي ما ازدادوا إلا كفراً إلى كفرهم. ثم بيَّن ذلك بقوله: { ٱسْتِكْبَاراً فِي ٱلأَرْضِ } أي استكبروا عن اتباع آيات الله، { وَمَكْرَ ٱلسَّيِّىءِ } أي ومكروا بالناس في صدهم إياهم عن سبيل الله، { وَلاَ يَحِيقُ ٱلْمَكْرُ ٱلسَّيِّىءُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ } أي وما يعود وبال ذلك إلا عليهم أنفسهم دون غيرهم، قال محمد بن كعب القرظي: ثلاث من فعلهن لم ينج حتى ينزل به، من مكر، أو بغي، أو نكث، وتصديقها في كتاب الله تعالى: { وَلاَ يَحِيقُ ٱلْمَكْرُ ٱلسَّيِّىءُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ }، { إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ } [يونس: 23]، { فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِ } [الفتح: 10]، وقوله عزّ وجلّ: { فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ سُنَّتَ ٱلأَوَّلِينَ } يعني عقوبة الله لهم على تكذيبهم رسله ومخالفتهم أمره، { فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ٱللَّهِ تَبْدِيلاً } أي لا تغير ولا تبدل بل هي جارية كذلك في كل مكذب { وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ٱللَّهِ تَحْوِيلاً } أي { وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوۤءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ } [الرعد: 11] ولا يكشف ذلك عنهم ولا يتولهم عنهم أحد، والله أعلم.