التفاسير

< >
عرض

مَّنْ عَمِلَ صَـٰلِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّـٰمٍ لِّلْعَبِيدِ
٤٦
إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِن ثَمَرَاتٍ مِّنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَىٰ وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَآئِي قَالُوۤاْ آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِن شَهِيدٍ
٤٧
وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَدْعُونَ مِن قَبْلُ وَظَنُّواْ مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ
٤٨
-فصلت

مختصر تفسير ابن كثير

يقول تعالى: { مَّنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ } أي إنما يعود نفع ذلك على نفسه، { وَمَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا } أي إنما يرجع وبال ذلك عليه، { وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ } أي لا يعاقب أحداً إلا بذنبه، ولا يعذب أحداً إلا بعد قيام الحجة عليه وإرسال الرسول إليه، ثم قال جلّ وعلا: { إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ } أي لا يعلم ذلك أحد سواه، كما قال سيد البشر لجبريل عليه السلام حين سأله عن الساعة، فقال: "ما المسؤول عنها بأعلم من السائل" ، وكما قال عزّ وجلّ: { إِلَىٰ رَبِّكَ مُنتَهَاهَآ } [النازعات: 44]، وقال جلّ جلاله: { لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَآ إِلاَّ هُوَ } [الأعراف: 187]، وقوله تبارك وتعالى: { وَمَا تَخْرُجُ مِن ثَمَرَاتٍ مِّنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَىٰ وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ } أي الجميع بعلمه لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء، كقوله: { وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا } [الأنعام: 59]، وقال تعالى: { وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلاَ يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ } [فاطر: 11] وقوله جل وعلا: { وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَآئِي } أي يوم القيامة ينادي الله المشركين على رؤوس الخلائق، أين شركائي الذين عبدتموهم معي؟ { قَالُوۤاْ آذَنَّاكَ } أي أعلمناك، { مَا مِنَّا مِن شَهِيدٍ } أي ليس أحد منا يشهد اليوم أن معك شريكاً، { وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَدْعُونَ مِن قَبْلُ } أي ذهبوا فلم ينفعوهم، { وَظَنُّواْ مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ } أي وأيقن المشركون يوم القيامة { مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ } أي لا محيد لهم من عذاب الله، كقوله تعالى: { وَرَأَى ٱلْمُجْرِمُونَ ٱلنَّارَ فَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ مُّوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُواْ عَنْهَا مَصْرِفاً } [الكهف: 53].