التفاسير

< >
عرض

قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ فَٱسْتَقِيمُوۤاْ إِلَيْهِ وَٱسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ
٦
ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ وَهُمْ بِٱلآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ
٧
إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ
٨
-فصلت

مختصر تفسير ابن كثير

يقول تعالى: { قُلْ } يا محمد لهؤلاء المكذبين المشركين { إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ } لا ما تعبدونه من الأصنام والأنداد والأرباب المتفرقين، إنما الله إلٰه واحد { فَٱسْتَقِيمُوۤاْ إِلَيْهِ } أي أخلصوا له العبادة على منوال ما أمركم به على ألسنة الرسل، { وَٱسْتَغْفِرُوهُ } أي لسالف الذنوب، { وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ } أي دمار لهم وهلاك عليهم { ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ } قال ابن عباس: يعني الذين لا يشهدون أن لا إلٰه إلا الله، كقوله تبارك وتعالى: { فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَىٰ أَن تَزَكَّىٰ } [النازعات: 18] والمراد بالزكاة هنا طهارة النفس من الأخلاق الرذيلة، ومن أهم ذلك طهارة النفس من الشرك، وزكاة المال إنما سميت زكاة، لأنها تطهره من الحرام، وتكون سبباً لزيادته وبركته وكثرة نفعه، واستعماله في الطاعات. وقال السدي: { وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ * ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ }: أي لا يؤدون الزكاة، وقال قتادة: يمنعون زكاة أموالهم، وهذا هو الظاهر عند كثير من المفسرين، واختاره ابن جرير، ثم قال جلّ جلاله بعد ذلك: { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } قال مجاهد وغيره: غير مقطوع ولا مجبوب، كقوله تعالى: { مَّاكِثِينَ فِيهِ أَبَداً } [الكهف: 3]، وكقوله عزّ وجلّ: { عَطَآءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ } [هود: 108] وقال السدي: غير ممنون عليهم، وقد رد عليه بعض الأئمة، فإن المنة لله تعالى على أهل الجنة، قال الله تعالى: { بَلِ ٱللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلإِيمَانِ } [الحجرات: 17]، وقال أهل الجنة: { فَمَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ ٱلسَّمُومِ } [الطور: 27]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل" .