التفاسير

< >
عرض

كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ ٱلرَّسِّ وَثَمُودُ
١٢
وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ
١٣
وَأَصْحَابُ ٱلأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُّبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ ٱلرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ
١٤
أَفَعَيِينَا بِٱلْخَلْقِ ٱلأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ
١٥

مختصر تفسير ابن كثير

يقول تعالى متهدداً لكفار قريش، بما أحله بأشباههم ونظرائهم من المكذبين قبلهم من النقمات والعذاب الأليم كقوم نوح، وما عذبهم الله تعالى به من الغرق العام لجميع أهل الأرض، { وَأَصْحَابُ ٱلرَّسِّ } وقد تقدمت قصتهم في سورة الفرقان، { وَثَمُودُ * وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ } وهم أمته الذين بعث إليهم من أهل سدوم، وكيف خسف الله تعالى بهم الأرض، وأحال أرضهم بحيرة منتنة خبيثة، بكفرهم وطغيانهم ومخالفتهم الحق { وَأَصْحَابُ ٱلأَيْكَةِ } وهم قوم شعيب عليه الصلاة والسلام { وَقَوْمُ تُّبَّعٍ } وهو اليماني، وقد ذكرنا من شأنه في سورة الدخان، { كُلٌّ كَذَّبَ ٱلرُّسُلَ } أي كل من هذه الأمم وهؤلاء القرون كذب رسولهم، ومن كذب رسولاً فإنما كذب جميع الرسل كقوله جلّ وعلا: { كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ ٱلْمُرْسَلِينَ } [الشعراء: 105]، { فَحَقَّ وَعِيدِ } أي فحق عليهم ما أوعدهم الله تعالى على التكذيب من العذاب والنكال، فليحذر المخاطبون أن يصيبهم ما أصابهم، فإنهم قد كذبوا رسولهم كما كذب أولئك، وقوله تعالى: { أَفَعَيِينَا بِٱلْخَلْقِ ٱلأَوَّلِ } أي أفأعجزنا ابتداء الخلق حتى هم في شك من الإعادة؟ { بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ }، والمعنى أن ابتداء الخلق لم يعجزنا، والإعادة أسهل منه كما قال عزّ وجل: { وَهُوَ ٱلَّذِي يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ } [الروم: 27]، وقال: { قُلْ يُحْيِيهَا ٱلَّذِيۤ أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ } [يس: 79]، وقد تقدم في الصحيح: "يقول الله تعالى يؤذيني ابن آدم يقول لن يعيدني كما بدأني وليس أول الخلق بأهون عليَّ من إعادته" .