التفاسير

< >
عرض

وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ ٱلْمُنتَهَىٰ
٤٢
وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ
٤٣
وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا
٤٤
وَأَنَّهُ خَلَقَ ٱلزَّوْجَيْنِ ٱلذَّكَرَ وَٱلأُنثَىٰ
٤٥
مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَىٰ
٤٦
وَأَنَّ عَلَيْهِ ٱلنَّشْأَةَ ٱلأُخْرَىٰ
٤٧
وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَىٰ وَأَقْنَىٰ
٤٨
وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ ٱلشِّعْرَىٰ
٤٩
وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً ٱلأُولَىٰ
٥٠
وَثَمُودَ فَمَآ أَبْقَىٰ
٥١
وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُواْ هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَىٰ
٥٢
وَٱلْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَىٰ
٥٣
فَغَشَّاهَا مَا غَشَّىٰ
٥٤
فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكَ تَتَمَارَىٰ
٥٥
-النجم

مختصر تفسير ابن كثير

يقول تعالى: { وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ ٱلْمُنتَهَىٰ } أي المعاد يوم القيامة، عن عمرو بن ميمون الأودي، قال: قام فينا معاذ بن جبل فقال: يا بني أود! إني رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكم، تعلمون أن المعاد إلى الله، إلى الجنة أو إلى النار، وذكر البغوي عن أُبي بن كعب، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: { وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ ٱلْمُنتَهَىٰ } قال: "لا فكرة في الرب"، وفي الصحيح: "يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا من خلق كذا؟ حتى يقول: من خلق ربك؟ فإذا بلغ أحدكم ذلك فليستعذ بالله ولينته" . وفي الحديث الذي في "السنن": "تفكروا في مخلوقات الله ولا تفكروا في ذات الله، فإن الله تعالى خلق ملكاً ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة ثلاثمائة سنة" ، أو كما قال، وقوله تعالى: { وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ } أي خلق الضحك والبكاء وهما مختلفان { وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا }، كقوله: { ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلْمَوْتَ وَٱلْحَيَاةَ } [الملك: 2]، { وَأَنَّهُ خَلَقَ ٱلزَّوْجَيْنِ ٱلذَّكَرَ وَٱلأُنثَىٰ * مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَىٰ }، كقوله: { أَيَحْسَبُ ٱلإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى * أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَىٰ } [القيامة: 36-37]؟ وقوله تعالى: { وَأَنَّ عَلَيْهِ ٱلنَّشْأَةَ ٱلأُخْرَىٰ }، أي كما خلق البداءة هو قادر على الإعادة، وهي النشأة الآخرة يوم القيامة { وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَىٰ وَأَقْنَىٰ }، أي ملك عباده المال وجعله لهم (قنية) مقيماً عندهم لا يحتاجون إلى بيعه، فهذا تمام النعمة عليهم، وعن مجاهد { أَغْنَىٰ } موّل { وَأَقْنَىٰ } أخدم، وقال ابن عباس { أَغْنَىٰ }: أعطى، { وَأَقْنَىٰ }: رضّى، وقوله: { وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ ٱلشِّعْرَىٰ } قال ابن عباس: هو هذا النجم الوقاد الذي يقال له مرزم الجوزاء، كانت طائفة من العرب يعبدونه، { وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً ٱلأُولَىٰ } وهم قوم (هود) ويُقال لهم (عاد بن إرم)، كما قال تعالى: { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ ٱلْعِمَادِ * ٱلَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي ٱلْبِلاَدِ } [الفجر: 6-8]؟ فكانوا من أشد الناس وأقواهم، وأعتاهم على الله تعالى وعلى رسوله فأهلكهم الله { بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ } [الحاقة: 6]، وقوله تعالى: { وَثَمُودَ فَمَآ أَبْقَىٰ } أي دمرهم فلم يبق منهم أحداً، { وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ } أي من قبل هؤلاء { إِنَّهُمْ كَانُواْ هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَىٰ } أي أشد تمرداً من الذين بعدهم، { وَٱلْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَىٰ } يعني مدائن لوط قلبها عليهم فجعل عاليها سافلها، وأمطر عليهم حجارة من سجيل منضود، ولهذا قال: { فَغَشَّاهَا مَا غَشَّىٰ } يعني من الحجارة التي أرسلها عليهم { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكَ تَتَمَارَىٰ }؟ أي ففي أي نعم الله عليك أيها الإنسان تمتري قاله قتادة، وقال ابن جريج: { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكَ تَتَمَارَىٰ }؟ يا محمد، والأول أولى وهو اختيار ابن جرير.