التفاسير

< >
عرض

قَالَ ٱدْخُلُواْ فِيۤ أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ مِّن ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ فِي ٱلنَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّىٰ إِذَا ٱدَّارَكُواْ فِيهَا جَمِيعاً قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاَهُمْ رَبَّنَا هَـٰؤُلاۤءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً مِّنَ ٱلنَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَـٰكِن لاَّ تَعْلَمُونَ
٣٨
وَقَالَتْ أُولاَهُمْ لأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ فَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ
٣٩
-الأعراف

مختصر تفسير ابن كثير

يقول تعالى مخبراً عما يقول لهؤلاء المشركين به المفترين عليه المكذبين بآياته { ٱدْخُلُواْ فِيۤ أُمَمٍ } أي من أمثالكم وعلى صفاتكم، { قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ } أي من الأمم السالفة الكافرة، { مِّن ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ فِي ٱلنَّارِ } ويحتمل أن يكون { فِيۤ أُمَمٍ } أي مع أمم. وقوله: { كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا } كما قال الخليل عليه السلام، { { ثُمَّ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ } [العنكبوت: 25] الآية. وقوله تعالى: { { إِذْ تَبَرَّأَ ٱلَّذِينَ ٱتُّبِعُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ ٱلأَسْبَابُ } [البقرة: 166]، وقوله: { حَتَّىٰ إِذَا ٱدَّارَكُواْ فِيهَا جَمِيعاً } أي اجتمعوا فيها كلهم { قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاَهُمْ } أي أخراهم دخولاً وهم (الأتباع) لأولاهم وهم (المتبرعون) لأنهم أشد جرماً من أتباعهم فدخلوا قبلهم فيشكوهم الأتباع إلى الله يوم القيامة لأنهم هم الذين أضلوهم عن سواء السبيل، فيقولون: { رَبَّنَا هَـٰؤُلاۤءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً مِّنَ ٱلنَّارِ } أي أضعف عليهم، كما قال تعالى: { { وَقَالُواْ رَبَّنَآ إِنَّآ أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَآءَنَا فَأَضَلُّونَا ٱلسَّبِيلاْ * رَبَّنَآ آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ ٱلْعَذَابِ } [الأحزاب: 67-68] الآية: وقوله: { قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ } أي قد فعلنا ذلك وجازينا كلاً بحسبه، كقوله: { { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَاباً } [النحل: 88] الآية، وقوله: { { وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ } [العنكبوت: 13]، وقوله: { { وَمِنْ أَوْزَارِ ٱلَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ } [النحل: 25] الآية، { وَقَالَتْ أُولاَهُمْ لأُخْرَاهُمْ } أي قال المتبوعون للأتباع: { فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ }، قال السدي: لقد ضللتم كما ضللنا، { فَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ }، وهذه الحال كما أخبر الله تعالى عنهم في حال محشرهم في قوله تعالى: { { وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ ٱلظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِندَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ ٱلْقَوْلَ يَقُولُ ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ لِلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ لَوْلاَ أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ } [سبأ: 31] الآيات.