التفاسير

< >
عرض

وَلَمَّا فَصَلَتِ ٱلْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلاَ أَن تُفَنِّدُونِ
٩٤
-يوسف

جامع البيان في تفسير القرآن

يقول تعالى ذكره: ولـما فصلت عير بني يعقوب من عند يوسف متوجهة إلى يعقوب، قال أبوهم يعقوب: { إنّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ } ذكر أن الريح استأذنت ربها فـي أن تأتـي يعقوب بريح يوسف قبل أن يأتـيه البشير، فأذن لها، فأتته بها. ذكر من قال ذلك:

حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثنـي أبو شريح، عن أبـي أيوب الهوزنـي، حدثه، قال: استأذنت الريح أن تأتـي يعقوب بريح يوسف حين بعث بـالقميص إلـى أبـيه قبل أن يأتـيه البشير، ففعل، قال يعقوب: { إنّـي لأجِدُ ريحَ يُوسُفَ لَوْلا أنْ تُفَنِّدُونِ }.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن إسرائيـل، عن أبـي سنان، عن ابن أبـي الهذيـل، عن ابن عبـاس، فـي قوله: { وَلـمَّا فَصَلَتِ العِيرُ قالَ أبُوهُمْ إنّـي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أنْ تُفَنِّدُونِ } قال: هاجت ريح، فجاءت بريح يوسف من مسيرة ثمان لـيال، فقال: { إنّـي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أنْ تُفَنِّدُونِ }.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبـي، عن إسرائيـل، عن أبـي سنان، عن ابن أبـي الهذيـل، عن ابن عبـاس: { وَلـمَّا فَصَلَتِ العِيرُ } قال: هاجت ريح، فجاءت بريح قميص يوسف من مسيرة ثمان لـيال.

حدثنـي أبو السائب، قال: ثنا ابن فضيـل، عن ضرار، عن ابن أبـي الهذيـل، قال: سمعت ابن عبـاس يقول: وجد يعقوب ريح يوسف، وهو منه علـى مسيرة ثمان لـيال.

حدثنا ابن وكيع والـحسن بن مـحمد، قالا: ثنا سفـيان بن عيـينة، عن أبـي سنان، عن ابن أبـي الهذيـل، قال: كنت إلـى جنب ابن عبـاس، فسئل: مِن كم وجدَ يعقوب ريح القميص؟ قال: من مسيرة سبع لـيال أو ثمان لـيال.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا جرير، عن أبـي سنان، عن أبـي الهذيـل، قال: قال لـي أصحابـي: إنك تأتـي ابن عبـاس، فسله لنا، قال: فقلت: ما أسأله عن شيء، ولكن أجلس خـلف السرير فـيأتـيه الكوفـيون فـيسألون عن حاجتهم وحاجتـي، فسمعته يقول: وجد يعقوب ريح قميص يوسف من مسيرة ثمان لـيال، قال ابن أبـي الهذيـل: فقلت: ذاك كمكان البصرة من الكوفة.

حدثنا الـحسن بن مـحمد، قال: ثنا علـيّ بن عاصم، عن ضرار بن مرّة، عن عبد الله بن أبـي الهذيـل، قال: سمعت ابن عبـاس يقول: وجد يعقوب ريح قميص يوسف من مسيرة ثمان لـيال. قال: فقلت فـي نفسي: هذا كمكان البصرة من الكوفة.

حدثناأبو كريب، قال: ثنا وكيع وحدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبـي، عن سفـيان، عن أبـي سنان، عن ابن أبـي الهذيـل، عن ابن عبـاس، فـي قوله: { إنّـي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ } قال: وجد ريح قميص يوسف من مسيرة ثمان لـيال. قال: قلت له: ذاك كما بـين البصرة إلـى الكوفة. واللفظ لـحديث أبـي كريب.

حدثنا الـحسين بن مـحمد، قال: ثنا عاصم وعلـي، قالا: أخبرنا شعبة، قال: أخبرنـي أبو سنان، قال: سمعت عبد الله بن أبـي الهذيـل، عن ابن عبـاس فـي هذه الآية: { إنّـي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ } قال: وجد ريحه من مسيرة ما بـين البصرة إلـى الكوفة.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا آدم العسقلانـي، قال: ثنا شعبة، قال: ثنا أبو سنان، قال: سمعت عبد الله بن أبـي الهذيـل يحدث عن ابن عبـاس، مثله.

قال: ثنا أبو نعيـم، قال: ثنا سفـيان، عن أبـي سنان، عن عبد الله بن أبـي الهذيـل، قال: كنا عند ابن عبـاس فقال: { إنّـي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ } قال: وجد ريح قميصه من مسيرة ثمان لـيال.

حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا إسرائيـل، عن أبـي سنان، عن عبد الله بن أبـي الهذيـل، قال: سمعت ابن عبـاس يقول: { وَلـما فَصَلَتِ العِيرُ } قال: لـما خرجت العير هاجت ريح فجاءت يعقوب بريح قميص يوسف، فقال: { إنّـي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أنْ تُفَنِّدُونِ } قال: فوجد ريحه من مسيرة ثمان لـيال.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، عن الـحسن: ذكر لنا أنه كان بـينهما يومئذٍ ثمانون فرسخاً، يوسف بأرض مصر ويعقوب بأرض كنعان، وقد أتـى لذلك زمان طويـل.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، قوله: { إنّـي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ } قال: بلغنا أنه كان بـينهم يومئذٍ ثمانون فرسخاً، وقال: { إنّـي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ } وكان قد فـارقه قبل ذلك سبعاً وسبعين سنة.

حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفـيان، عن أبـي سنان، عن عبد الله بن أبـي الهذيـل عن ابن عبـاس، فـي قوله: { إنّـي لأَجِدُ رَيحَ يُوسُفَ } قال: وجد ريح قميص من مسيرة ثمانـية أيام.

قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا إسرائيـل، عن أبـي سنان، عن عبد الله بن أبـي الهذيـل، عن ابن عبـاس، قوله: { وَلـمَّا فَصَلَتِ العِيرُ } قال: فلـما خرجت العير هبَّت ريح، فذهبت بريح قميص يوسف إلـى يعقوب، فقال: { إنّـي لأجِدُ رِيحَ يُوسُفَ } قال: ووجد ريح قميصه من مسيرة ثمانـية أيام.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلـمة، عن ابن إسحاق قال: لـما فصلت العير من مصر استروح يعقوب ريح يوسف، فقال لـمن عنده من ولده: { إنّـي لأجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أنْ تُفَنِّدُونِ }.

وأما قوله: { لَوْلا أنْ تُفَنِّدُونِ } فإنه يعنـي: لولا أن تُعَنَّفُونـي، وتُعَجِّزونـي، وتلُومونـي، وتكذّبونـي ومنه قول الشاعر:

يا صاحِبَـيَّ دَعا لَوْمي وتَفْنِـيدِيفلَـيْس ما فـاتَ من أمْرِي بـمرْدودِ

ويقال: أفند فلاناً الدهر، وذلك إذا أفسده ومنه قول ابن مقبل:

دَع الدَّهرَ يفْعَلْ ما أرَاد فإنَّهإذا كُلِّفَ الإفْنادَ بـالنَّاس أفْنَدا

واختلف أهل التأويـل فـي معناه، فقال بعضهم: معناه: لولا أن تسفهونـي. ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا ابن عيـينة، عن أبـي سنان، عن ابن أبـي الهذيـل، عن ابن عبـاس: { لَوْلا أنْ تُفَنِّدُونِ } قال: تسفهون.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع وحدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبـي، عن إسرائيـل، عن أبـي سنان عن ابن أبـي الهذيـل، عن ابن عبـاس، مثله.

وبه قال: ثنا أبـي، عن سفـيان، عن خَصيف، عن مـجاهد: { لَوْلا أنْ تُفَنِّدُونِ } قال: تسفهون.

حدثنـي الـمثنى وعلـيّ بن داود، قالا: ثنا عبد الله، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، قوله: { لَوْلا أنْ تُفَنِّدُونِ } يقول: تـجهلون.

حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا إسرائيـل، عن أبـي سنان، عن عبد الله بن أبـي الهذيـل، عن ابن عبـاس: { لَوْلا أنْ تُفَنِّدُونِ } قال: لولا أن تسفهون.

حدثنا أحمد، قال: ثنا أبو أحمد وحدثنـي الـمثنى، قال: ثنا أبو نعيـم، قالا: جميعاً، ثنا سفـيان، عن خَصِيف، عن مـجاهد: { لَوْلا أنْ تُفَنِّدُونِ } قال: لولا أن تسفهون.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا الـحِمَّانـي، قال: ثنا شريك، عن أبـي سنان، عن سعيد بن جبـير، عن ابن عبـاس، وسالـم عن سعيد: { لَوْلا أنْ تُفَنِّدُونْ } قال أحدهما: تسفهون، وقال الآخر: تكذّبون.

حدثنـي يعقوب، قال: ثنا هشيـم، قال: أخبرنا عبد الـملك بن أبـي سلـيـمان، عن عطاء: { لَوْلا أنْ تُفَنِّدُونِ } قال: لولا أن تكذّبون، لولا أن تسفهون.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا يزيد بن هارون، عن عبد الـملك، عن عطاء، قال: تسفهون.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: { لَوْلا أنْ تُفَنِّدُونِ } يقول: لولا أن تسفهون.

حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: ثنا مـحمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: { لَوْلا أنْ تُفَنِّدونِ } يقول: لولا أن تسفهون.

حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا إسرائيـل، عن أبـي سنان، عن عبد الله بن أبـي الهذيـل، قال: سمعت ابن عبـاس يقول: { لَوْلا أنْ تُفَنِّدُونِ } يقول: تسفهون.

حدثنا الـحسن بن مـحمد، قال: ثنا شبـابة، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، قوله: { لَوْلا أنْ تُفَنِّدُونِ } قال: ذهب عقله.

حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: { لَوْلا أنْ تُفَنِّدُونِ } قال: قد ذهب عقله.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد وحدثنـي الـمثنى قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: { لَوْلا أنْ تُفَنِّدُونِ } قال: قد ذهب عقله.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد: { لَوْلا أنْ تُفَنِّدُونِ } قال لولا أن تقولوا: ذهب عقلك.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلـمة، عن ابن إسحاق: { لَوْلا أنْ تُفَنِّدُونِ } يقول: لولا أن تضعفونـي.

حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فـي قوله: { لَوْلا أنْ تُفَنِّدُونِ } قال: الذي لـيس له عقل ذلك الـمفند، يقولون لا يعقل.

وقال آخرون: معناه: لولا أن تكذّبون. ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا سويد بن عمرو الكلبـي، عن شريك، عن سالـم: { لَوْلا أنْ تُفَنِّدُونِ } قال: تكذبون.

قال: ثنا عمرو، عن أسبـاط، عن السديّ، قال: لولا أن تهرّمون وتكذّبون.

قال: ثنا مـحمد بن بكر، عن ابن جريج، قال: بلغنـي عن مـجاهد، قال: تكذّبون.

قال: ثنا عبدة وأبو خالد، عن جويبر، عن الضحاك، قال: لولا أن تكذّبون.

حُدثت عن الـحسين، قال: سمعت أبـا معاذ، يقول: ثنا عبـيد بن سلـيـمان، قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: { لَوْلا تُفَنِّدُونِ } تكذّبون.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا عمرو، قال: أخبرنا هشيـم، عن عبد الـملك، عن عطاء، فـي قوله: { لَوْلا أنْ تُفَنِّدُونِ } قال: تسفهون أو تكذّبون.

حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله: { لَوْلا أنْ تُفَنِّدُونِ } يقول: تكذّبون.

وقال آخرون: معناه تهرّمون. ذكر من قال ذلك:

حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا إسرائيـل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: { لَوْلا أنْ تُفَنِّدُونِ } قال: لولا أن تهرِّمون.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عبـيد الله، عن إسرائيـل، عن أبـي يحيى، عن مـجاهد، مثله.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، عن الـحسن، قال: تُهرِّمون.

حدثنـي يعقوب، قال: ثنا هشيـم، قال: أخبرنا أبو الأشهب، عن الـحسن: { لَوْلا أنْ تُفَنِّدُونِ } قال: تهرمون.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيـم، عن أبـي الأشهب وغيره، عن الـحسن، مثله.

وقد بـيَّنا أن أصل التفنـيد: الإفساد. وإذا كان ذلك كذلك فـالضعف والهرم والكذب وذهاب العقل وكل معانـي الإفساد تدخـل فـي التفنـيد، لأن أصل ذلك كله الفساد، والفساد فـي الـجسم: الهرم وذهاب العقل والضعف، وفـي الفعل الكذب واللوم بـالبـاطل، ولذلك قال جرير بن عطية:

يا عاذلـيَّ دَعا الـمَلام وأقْصِرَاطالَ الهَوَى وأطلْتُـما التَّفْنِـيدا

يعني الملامة. فقد تبـين إذ كان الأمر علـى ما وصفنا أن الأقوال التـي قالها مَن ذكرنا قوله فـي قوله: { لَوْلا أنْ تُفَنِّدُونِ } علـى اختلاف عبـاراتهم عن تأويـله، متقاربة الـمعانـي، مـحتـمل جميعها ظاهر التنزيـل، إذ لـم يكن فـي الآية دلـيـل علـى أنه معنـيّ به بعض ذلك دون بعض.