التفاسير

< >
عرض

وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ ٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُمْ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَآءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ وَفِي ذٰلِكُمْ بَلاۤءٌ مِّن رَّبَّكُمْ عَظِيمٌ
٦
-إبراهيم

جامع البيان في تفسير القرآن

يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: واذكر يا مـحمد إذ قال موسى بن عمران لقومه من بنـي إسرائيـل: { اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللّهِ عَلَـيْكُمْ } التـي أنعم بها علـيكم { إذْ أنـجاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ } يقول: حين أنـجاكم من أهل دين فرعون وطاعته. { يَسُومُونَكُمْ سُوءَ العَذَابِ }: أي يذيقونكم شديد العذاب. { ويُذَبِّحُونَ أبْناءَكُمْ } وأدخـلت الواو فـي هذا الـموضع لأنه أريد بقوله: { وَيُذَبِّحُونَ أبْناءَكُمْ } الـخبر عن أنّ آل فرعون كانوا يعذّبون بنـي إسرائيـل بأنواع من العذاب غير التذبـيح وبـالتذبـيح. وأما فـي موضع آخر من القرآن، فآنه جاء بغير الواو: { يَسُومُونُكُمْ سُوءَ العَذَابِ يُذَبِّحُونَ أبْناءَكُمْ } فـي موضع وفـي موضع: { { يُقَتِّلُونَ أبْناءَكُمْ } ولـم تدخـل الواو فـي الـمواضع التـي لـم تدخـل فـيها لأنه أريد بقوله: { يُذَبِّحُونَ } وبقوله: { { يُقَتلُونَ } تبـيـينه صفـات العذاب الذي كانوا يسومونهم، وكذلك العمل فـي كل جملة أريد تفصيـلها فبغير الواو تفصيـلها، وإذا أريد العطف علـيها بغيرها وغير تفصيـلها فـالواو.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله بن الزبـير، عن ابن عيـينة، فـي قوله: { وَإذْ قالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللّهِ عَلَـيْكُمْ }: أيادي الله عندكم وأيامه.

وقوله: { وَيَسْتَـحْيُونَ نِساءَكُمْ } يقول: ويبقون نساءكم فـيتركون قتلهنّ وذلك استـحياؤهم كان إياهنّ. وقد بـيَّنا ذلك فـيـما مضى بـما أغنى عن إعادته فـي هذا الـموضع، ومعناه: يتركونهم، والـحياة: هي الترك. ومنه الـخبر الذي رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "اقْتُلُوا شُيُوخَ الـمُشْرِكِينَ وَاسْتَـحْيُوا شَرْخَهُمْ" بـمعنى: استبقوهم فلا تقتلوهم. { وفِـي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيـمٌ } يقول تعالـى: وفـيـما يصنع بكم آل فرعون من أنواع العذاب بلاء لكم من ربكم عظيـم: أي ابتلاء واختبـار لكم من ربكم عظيـم. وقد يكون البلاء فـي هذا الـموضع نعماء، وقد يكون معناه: من البلاء الذي قد يصيب الناس فـي الشدائد وغيرها.