التفاسير

< >
عرض

فَٱنْقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوۤءٌ وَٱتَّبَعُواْ رِضْوَانَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ
١٧٤
-آل عمران

جامع البيان في تفسير القرآن

يعني جلّ ثناؤه بقوله: { فَٱنْقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ } فـانصرف الذين استـجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح من وجههم الذي توجهوا فـيه، وهو سيرهم فـي أثر عدوّهم إلـى حمراء الأسد. { بِنِعْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ } يعنـي: بعافـية من ربهم لـم يـلقوا بها عدوّاً. { وَفَضَّلَ } يعنـي: أصابوا فـيها من الأربـاح بتـجارتهم التـي اتـجروا بها، والأجر الذي اكتسبوه. { لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ } يعنـي: لـم ينلهم بها مكروه من عدوّهم ولا أذى. { وَٱتَّبَعُواْ رِضْوٰنَ ٱللَّهِ } يعنـي بذلك أنهم أرضَوا الله بفعلهم ذلك واتبـاعهم رسوله إلـى ما دعاهم إلـيه من اتبـاع أثر العدوّ وطاعتهم. { وَٱللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ } يعنـي: والله ذو إحسان وطول علـيهم بصرف عدوّهم الذي كانوا قد هموا بـالكرّة إلـيهم، وغير ذلك من أياديه عندهم، وعلـى غيرهم بنعمه، عظيـم عند من أنعم به علـيه من خـلقه.

وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال جماعة من أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:

حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: { فَٱنْقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍ } قال: والفضل: ما أصابوا من التـجارة والأجر.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، قال: وافقوا السوق فـابتاعوا، وذلك قوله: { فَٱنْقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍ } قال: الفضل ما أصابوا من التـجارة والأجر. قال ابن جريج: ما أصابوا من البـيع نعمة من الله وفضل، أصابوا عفوه وعزّته، لا ينازعهم فـيه أحد. قال: وقوله: { لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ } قال: قتل، { وَٱتَّبَعُواْ رِضْوٰنَ ٱللَّهِ } قال: طاعة النبـيّ صلى الله عليه وسلم.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلـمة، عن ابن إسحاق: { وَٱللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ } لـما صرف عنهم من لقاء عدوّهم.

حدثنا مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قال: أطاعوا الله، وابتغوا حاجتهم، ولـم يؤذهم أحد. { فَٱنْقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَٱتَّبَعُواْ رِضْوٰنَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ }.

حدثنا مـحمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسبـاط، عن السديّ، قال: أعطي رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ يعنـي: حين خرج إلـى غزوة بدر الصغرى ـ ببدر دراهم ابتاعوا بها من موسم بدر، فأصابوا تـجارة؛ فذلك قول الله: { فَٱنْقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَٱتَّبَعُواْ رِضْوٰنَ ٱللَّهِ }. أما النعمة: فهي العافـية، وأما الفضل: فـالتـجارة، والسوء: القتل.