التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ
٣
أُوْلۤـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ
٤
-الأنفال

جامع البيان في تفسير القرآن

يقول تعالـى ذكره: الذين يؤدّون الصلاة الـمفروضة بحدودها، وينفقون مـما رزقهم الله من الأموال فـيـما أمرهم الله أن ينفقوها فـيه من زكاة وجهاد وحجّ وعمرة ونفقة علـى من تـجب علـيهم نفقته، فـيؤدّون حقوقهم. { أولَئِكَ } يقول: هؤلاء الذين يفعلون هذه الأفعال. { هُمُ الـمُؤْمِنُونَ } لا الذين يقولون بألسنتهم قد آمنا وقلوبهم منطوية علـى خلافه نفـاقاً، لا يقـيـمون صلاة ولا يؤدّون زكاة.

وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا أبو صالـح، قال: ثنـي معاوية بن صالـح، عن علـيّ، عن ابن عبـاس: { الَّذِينَ يُقِـيـمُونَ الصَّلاةَ } يقول: الصلوات الـخمس. { ومـمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ } يقول: زكاة أموالهم. { أُولَئِكَ هُمُ الـمُؤْمِنُونَ حَقًّا } يقول: برئوا من الكفر. ثم وصف الله النفـاق وأهله، فقال: { { إنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بـاللّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أنْ يُفَرّقُوا بـينَ اللّهَ وَرُسُلِهِ... } إلـى قوله: { أُولَئِكَ هُمُ الكافِرُونَ حَقًّا } فجعل الله الـمؤمن مؤمناً حقًّا، وجعل الكافر كافراً حقًّا، وهو قوله: { { هُوَ الَّذِي خَـلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ } .

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: { أُولَئِكَ هُمُ الـمُؤْمِنُونَ حَقًّا } قال: استـحقوا الإيـمان بحقّ، فأحقه الله لهم.

القول فـي تأويـل قوله تعالـى: { لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيـمٌ }.

يعنـي جلّ ثناؤه بقوله: { لَهُمْ دَرَجاتٌ } لهؤلاء الـمؤمنـين الذين وصف جلّ ثناؤه صفتهم درجات، وهي مراتب رفـيعة.

ثم اختلف أهل التأويـل فـي هذه الدرجات التـي ذكر الله أنها لهم عنده ما هي، فقال بعضهم: هي أعمال رفـيعة وفضائل قدّموها فـي أيام حياتهم. ذكر من قال ذلك.

حدثنـي أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا إسرائيـل، عن أبـي يحيى القتات، عن مـجاهد: { لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ } قال: أعمال رفـيعة.

وقال آخرون: بل ذلك مراتب فـي الـجنة. ذكر من قال ذلك.

حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفـيان، عن هشام بن جبلة، عن عطية، عن ابن مـحيريز: { لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ } قال: الدرجات سبعون درجة، كل درجة حضر الفرس الـجواد الـمضمَّر سبعين سنة.

وقوله وَمَغْفرَةٌ يقول: وعفو عن ذنوبهم وتغطية علـيها. { وَرِزْقٌ كَرِيـمٌ } قـيـل: الـجنة. وهو عندي ما أعدّ الله فـي الـجنة لهم من مزيد الـمآكل والـمشارب وهنـيء العيش.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا إسحاق، عن هشام، عن عمرو، عن سعيد، عن قتادة: { وَمَغْفِرَةٌ } قال: لذنوبهم. { وَرِزْقٌ كَرِيـمٌ } قال: الـجنة.