التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ حَسْبُكَ ٱللَّهُ وَمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ
٦٤
-الأنفال

جامع البيان في تفسير القرآن

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: يا أيها النبيّ حسبك الله، وحسب من اتبعك من المؤمنين الله. يقول لهم جلّ ثناؤه: ناهضوا عدوّكم، فإن الله كافيكم أمرهم، ولا يهولنكم كثرة عددهم وقلة عددكم، فإن الله مؤيدكم بنصره.

وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا مؤمل بن إسماعيل، قال: ثنا سفيان، عن شوذب بن معاذ، عن الشعبيّ في قوله: { يا أيُّها النَّبيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ منَ المُؤْمِنِينَ } قال: حسبك الله وحسب من اتبعك من المؤمنين الله.

حدثني أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي، قال: ثنا عبيد الله بن موسى، قال: أخبرنا سفيان، عن شوذب، عن الشعبيّ، في قوله: { يا أيُّها النَّبيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ منَ المُؤْمِنِينَ } قال: حسبك الله وحسب من معك.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عبيد الله، عن سفيان، عن شوذب، عن عامر، بنحوه، إلا أنه قال: حسبك الله وحسب من شهد معك.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، عن ابن زيد، في قوله: { يا أيُّها النَّبيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ منَ المُؤْمِنِينَ } قال: يا أيها النبيّ حسبك الله وحسب من اتبعك من المؤمنين، إنَّ حسبك أنت وهم الله.

ف«مَنْ» من قوله: { وَمَنِ اتَّبَعَكَ منَ المُؤْمِنِينَ } على هذا التأويل الذي ذكرناه عن الشعبي نصب عطفا على معنى الكاف في قوله: { حَسْبُكَ اللَّهُ } لا على لفظه، لأنها في محل خفض في الظاهر وفي محل نصب في المعنى، لأن معنى الكلام: يكفيك الله، ويكفي من اتبعك من المؤمنين. وقد قال بعض أهل العربية في «مَن»: إنها في موضع رفع على العطف على اسم الله، كأنه قال: حسبك الله ومتبعوك إلى جهاد العدوّ من المؤمنين دون القاعدين عنك منهم. واستشهد على صحة قوله ذلك بقوله: { { حَرّضِ المُؤْمِنينَ على القِتالِ } }.