التفاسير

< >
عرض

قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ ٱلسَّمْعَ وٱلأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ ٱلْمَيِّتَ مِنَ ٱلْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ ٱللَّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ
٣١
فَذَلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمُ ٱلْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ ٱلْحَقِّ إِلاَّ ٱلضَّلاَلُ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ
٣٢
كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى ٱلَّذِينَ فَسَقُوۤاْ أَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ
٣٣
-يونس

{ قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مّنَ ٱلسَّمَاء وَٱلأَرْضِ } أي يرزقكم منهما جميعاً، لم يقتصر برزقكم على جهة واحدة ليفيض عليكم نعمته ويوسع رحمته { مِنْ يَمْلِكُ ٱلسَّمْعَ وٱلأَبْصَـٰرَ } من يستطيع خلقهما وتسويتهما على الحدّ الذي سويا عليه من الفطرة العجيبة. أو من يحميهما ويحصنهما من الآفات مع كثرتها في المدد الطوال، وهما لطيفان يؤذيهما أدنى شيء بكلاءته وحفظه { وَمَن يُدَبّرُ ٱلأَمْرَ } ومن يلي تدبير أمر العالم كله، جاء بالعموم بعد الخصوص { أَفَلاَ تَتَّقُونَ } أفلا تقون أنفسكم ولا تحذرون عليها عقابه فيما أنتم بصدده من الضلال { فَذَلِكُمُ } إشارة إلى من هذه قدرته وأفعاله { رَبُّكُمُ ٱلْحَقُّ } الثابت ربوبيته ثباتاً لا ريب فيه لمن حقق النظر { فَمَاذَا بَعْدَ ٱلْحَقّ إِلاَّ ٱلضَّلاَلُ } يعني أن الحق والضلال لا واسطة بينهما، فمن تخطى الحق وقع في الضلال { فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ } عن الحق إلى الضلال، وعن التوحيد إلى الشرك، وعن السعادة إلى الشقاء { كَذَلِكَ } مثل ذلك الحق { حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبّكَ } أي كما حق وثبت أنّ الحق بعده الضلال، أو كما حق أنهم مصروفون عن الحق، فكذلك حقّت كلمة ربك { عَلَى ٱلَّذِينَ فَسَقُواْ } أي تمرّدوا في كفرهم وخرجوا إلى الحدّ الأقصى فيه، و { أَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } بدل من الكلمة أي حقّ عليهم انتفاء الإيمان، وعلم الله منهم ذلك. أو حق عليهم كلمة الله أنهم من أهل الخذلان، وأن إيمانهم غير كائن. أو أراد بالكلمة: العدة بالعذاب، وأنهم لا يؤمنون تعليل، بمعنى: لأنهم لا يؤمنون.