{ وَجَـٰهِدُواْ } أمر بالغزو وبمجاهدة النفس والهوى وهو الجهاد الأكبر. عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رجع من بعض غزواته فقال:
(715)
"رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر" { فِى ٱللَّهِ } أي في ذات الله ومن أجله. يقال: هو حق عالم، وجدّ عالم، أي: عالم حقاً وجداً. ومنه { حَقَّ جِهَـٰدِهِ }. فإن قلت: ما وجه هذه الإضافة، وكان القياس: حق الجهاد فيه، أو حق جهادكم فيه، كما قال: { وَجَـٰهِدُوا فِى ٱللَّهِ }؟ قلت: الإضافة تكون بأدنى ملابسة واختصاص، فلما كان الجهاد مختصاً بالله من حيث أنه مفعول لوجهه ومن أجله، صحت إضافته إليه. ويجوز أن يتسع في الظرف كقوله:وَيَوْماً شَهِدْنَاهُ سُلَيْماً وَعَامِراً
{ ٱجْتَبَـٰكُمْ } اختاركم لدينه ولنصرته { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكمْ فِى ٱلدّينِ مِنْ حَرَجٍ } فتح باب التوبة للمجرمين، وفسح بأَنواع الرخص والكفارات والديات والأروش. ونحوه قوله تعالى: { يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ ٱلْعُسْرَ } [البقرة: 185] وأمّة محمد صلى الله عليه وسلم هي الأمة المرحومة الموسومة بذلك في الكتب المتقدّمة. نصب الملة بمضمون ما تقدّمها، كأنه قيل: وسع دينكم توسعة ملة أبيكم، ثم حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه. أو على الاختصاص، أي: أعني بالدين ملة أبيكم كقولك: الحمد الله الحميد. فإن قلت: لم يكن { إِبْرَٰهِيمَ } أباً للأمّة كلها. قلت: هو أبو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان أباً لأمته، لأنّ أمة الرسول في حكم أولاده { هُوَ } يرجع إلى الله تعالى. وقيل: إلى إبراهيم. ويشهد للقول الأوّل قراءة أبيّ بن كعب: «الله سماكم» { مِن قَبْلُ وَفِى هَـٰذَا } أي من قبل القرآن في سائر الكتب وفي القرآن، أي: فضلكم على الأمم وسماكم بهذا الاسم الأكرم { لِيَكُونَ ٱلرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ } أنه قد بلغكم { وَتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى ٱلنَّاسِ } بأنّ الرسل قد بلغتهم وإذ خصّكم بهذه الكرامة والأثرة. فاعبدوه وثقوا به ولا تطلبوا النصرة والولاية إلا منه، فهو خير مولى وناصر.
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(716)
"من قرأ سورة الحجّ أعطي من الأجر كحجّة حجها وعمرة اعتمرها بعدد من حجّ واعتمر فيما مضى وفيما بقي" .