{ إِن تُطِيعُواْ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } قال عليّ رضي الله عنه: نزلت في قول المنافقين للمؤمنين عند الهزيمة: ارجعوا إلى إخوانكم وادخلوا في دينهم. وعن الحسن رضي الله عنه: إن تستنصحوا اليهود والنصارى وتقبلوا منهم، لأنهم كانوا يستغوونهم ويوقعون لهم الشبه في الدين، ويقولون: لو كان نبياً حقاً لما غلب ولما أصابه وأصحابه ما أصابهم، وإنما هو رجل حاله كحال غيره من الناس يوماً له ويوماً عليه. وعن السدي: إن تستكينوا لأبي سفيان وأصحابه وتستأمنوهم { يَرُدُّوكُم } إلى دينهم. وقيل هو عامّ في جميع الكفار، وإنّ على المؤمنين أن يجانبوهم ولا يطيعوهم في شيء ولا ينزلوا على حكمهم ولا على مشورتهم حتى لا يستجرّوهم إلى موافقتهم { بَلِ ٱللَّهُ مَوْلَـٰكُمْ } أي ناصركم، لا تحتاجون معه إلى نصرة أحد وولايته. وقرىء بالنصب على: بل أطيعوا الله مولاكم { سَنُلْقِى } قرىء بالنون والياء. والرعب ـــ بسكون العين وضمها ـــ قيل: قذف الله في قلوب المشركين الخوف يوم أحد فانهزموا إلى مكة من غير سبب ولهم القوة والغلبة. وقيل: ذهبوا إلى مكة فلما كانوا ببعض الطريق قالوا: ما صنعنا شيئاً، قتلنا منهم ثم تركناهم ونحن قاهرون ارجعوا فاستأصلوهم، فلما عزموا على ذلك ألقى الله الرعب في قلوبهم فأمسكوا. { بِمَا أَشْرَكُواْ } بسبب إشراكهم، أي كان السبب في إلقاء الله الرّعب في قلوبهم إشراكهم به { مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَـٰناً } آلهة لم ينزل الله بإشراكها حجة. فإن قلت: كان هناك حجة حتى ينزلها الله فيصح لهم الإشراك؟ قلت: لم يعن أن هناك حجة إلا أنها لم تنزل عليهم، لأن الشرك لا يستقيم أن يقوم عليه حجة، وإنما المراد نفي الحجة ونزولها جيمعاً، كقوله:
وَلاَ تَرَى الضَّبَّ بِهَا يَنْجَحِر