والحيّ إمّا أن يبدىء فعلاً أو يعيده فإذا هلك لم يبق له إبداء ولا إعادة، فجعلوا قولهم: لا يبدىء ولا يعيد مثلاً في الهلاك. ومنه قول عبيد:
أَقْفَرَ مِنْ أَهْلِهِ عَبِيدُ فَالْيَوْمَ لاَ يُبْدِي وَلاَ يُعِيدُ
والمعنى: جاء الحق وهلك الباطل، كقوله تعالى: { { جَاء ٱلْحَقُّ وَزَهَقَ ٱلْبَـٰطِلُ } [الإسراء: 81] وعن ابن مسعود رضي الله عنه: (915) دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة وحول الكعبة ثلثمائة وستون صنماً، فجعل يطعنها بعود نبعة ويقول:
{ جَاء ٱلْحَقُّ وَزَهَقَ ٱلْبَـٰطِلُ إِنَّ ٱلْبَـٰطِلَ كَانَ زَهُوقًا } [الإسراء: 81]، { جَاء ٱلْحَقُّ وَمَا يُبْدِىء ٱلْبَـٰطِلُ وَمَا يُعِيدُ }. والحق: القرآن. وقيل: الإسلام. وقيل: السيف. وقيل: الباطل: إبليس لعنه الله، أي: ما ينشىء خلقاً ولا يعيده، المنشيء والباعث: هو الله تعالى. وعن الحسن: لا يبدىء لأهله خيراً ولا يعيده، أي: لا ينفعهم في الدنيا والآخرة. وقال الزجاج: أيّ شيء ينشيء إبليس ويعيده، فجعله للاستفهام. وقيل للشيطان: الباطل؛ لأنه صاحب الباطل؛ أو لأنه هالك كما قيل له: الشيطان، من شاط إذا هلك.