{ مُرَاغَماً } مهاجراً وطريقاً يراغم بسلوكه قومه، أي يفارقهم على رغم أنوفهم. والرغم: الذلّ والهوان. وأصله لصوق الأنف بالرغام - وهو التراب -يقال: راغمت الرجل إذا فارقته وهو يكره مفارقتك لمذلة تلحقه بذلك. قال النابغة الجعدي.
كَطَوْدٍ يُلاَذُ بِأَرْكَانِهِ عَزِيزِ الْمَرَاغِمِ وَالْمَذْهَبِ
وقرىء «مرغماً». وقرىء { ثُمَّ يُدْرِكْهُ ٱلْمَوْتُ } بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف. وقيل: رفع الكاف منقول من الهاء كأنه أراد أن يقف عليها، ثم نقل حركة الهاء إلى الكاف، كقوله:مِنْ عَنَزِيٍّ سَبَّنِي لَمْ أَضْرِبُهْ
وقرىء «يدركه» بالنصب على إضمار أن، كقوله:وَأَلْحَقُ بِالْحِجَازِ فَأَسْتَرِيحَا
{ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلىَ ٱللَّهِ } فقد وجب ثوابه عليه: وحقيقة الوجوب: الوقوع والسقوط { فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا } [الحج: 36] ووجبت الشمس: سقط قرصها. والمعنى: فقد علم الله كيف يثيبه وذلك واجب عليه. وروى في قصة جندب بن ضمرة: أنه لما أدركه الموت أخذ يصفق بيمينه على شماله ثم قال: اللَّهم هذه لك، وهذه لرسولك، أبايعك على ما بايعك عليه رسولك. فمات حميداً فبلغ خبره أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: لو توفي بالمدينة لكان أتم أجراً، وقال المشركون وهم يضحكون: ما أدرك هذا ما طلب. فنزلت. وقالوا: كل هجرة لغرض ديني - من طلب علم، أو حج، أو جهاد، أو فرار إلى بلد يزداد فيه طاعة أو قناعة وزهداً في الدنيا، أو ابتغاء رزق طيب - فهي هجرة إلى الله ورسوله. وإن أدركه الموت في طريقه، فأجره واقع على الله.