جعل الذين آمنوا بالله وكفروا برسله أو آمنوا بالله وببعض رسله وكفروا ببعض كافرين بالله ورسله جميعاً لما ذكرنا من العلة، ومعنى اتخاذهم بين ذلك سبيلاً: أن يتخذوا ديناً وسطاً بين الإيمان والكفر كقوله:
{ { وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذٰلِكَ سَبِيلاً } [الإسراء: 110] أي طريقاً وسطاً في القراءة وهو ما بين الجهر والمخافتة. وقد أخطؤوا، فإنه لا واسطة بين الكفر والإيمان ولذلك قال: { أُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْكَـٰفِرُونَ حَقّاً } أي هم الكاملون في الكفر. و(حقاً) تأكيد لمضمون الجملة، كقولك: هو عبد الله حقاً، أي حق ذلك حقاً، وهو كونهم كاملين في الكفر، أو هو صفة لمصدر الكافرين، أي هم الذين كفروا كفراً حقاً ثابتاً يقيناً لا شك فيه.