{ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ } للقوّام بتعذيب أهلها. فإن قلت: هلا قيل: الذين في النار لخزنتها؟ قلت: لأن في ذكر جهنم تهويلاً وتفظيعاً ويحتمل أن جهنم هي أبعد النار قعراً، من قولهم: بئر جهنام بعيدة القعر، وقولهم في النابغة: جهنام، تسمية بها، لزعمهم أنه يلقي الشعر على لسان المنتسب إليه، فهو بعيد الغور في علمه بالشعر، كما قال أبو نواس في خلف الأحمر:
قُلَيْذَمٌ مِنَ الْعَيَالِيمِ الْخُسُفْ
وفيها أعتى الكفار وأطغاهم، فلعل الملائكة الموكلين بعذاب أولئك أجوب دعوة لزيادة قربهم من الله تعالى، فلهذا تعمدهم أهل النار بطلب الدعوة منهم { أَوَ لَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ } إلزام للحجة وتوبيخ، وأنهم خلفوا وراءهم أوقات الدعاء والتضرع، وعطلوا الأسباب التي يستجيب الله لها الدعوات { قَالُواْ فَٱدْعُواْ } أنتم، فإنا لا نجترىء على ذلك ولا نشفع إلاّ بشرطين: كون المشفوع له غير ظالم، والإذن في الشفاعة مع مراعاة وقتها، وذلك قبل الحكم الفاصل بين الفريقين، وليس قولهم { فَٱدْعُواْ } لرجاء المنفعة، ولكن للدلالة على الخيبة؛ فإن الملك المقرّب إذا لم يسمع دعاؤه، فكيف يسمع دعاء الكافر.