{ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ } لأجلهم وهو كلام كفار مكة، قالوا: عامّة من يتبع محمداً السقاط، يعنون الفقراء مثل عمار وصهيب وابن مسعود، فلو كان ما جاء به خيراً ما سبقنا إليه هؤلاء. وقيل: لما أسلمت جهينة ومزينة وأسلم وغفار: قالت بنو عامر وغطفان وأسد وأشجع: لو كان خيراً ما سبقنا إليه رعاء البهم. وقيل: إن أمة لعمر أسلمت، فكان عمر يضربها حتى يفتر ثم يقول لولا أني فترت لزدتك ضرباً، وكان كفار قريش يقولون: لو كان ما يدعو إليه محمد حقاً ما سبقتنا إليه فلانة. وقيل: كان اليهود يقولونه عند إسلام عبد الله بن سلام وأصحابه. فإن قلت: لا بدّ من عامل في الظرف في قوله: { وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُواْ بِهِ } ومن متعلق لقوله: { فَسَيَقُولُونَ } وغير مستقيم أن يكون { فَسَيَقُولُونَ } هو العامل في الظرف، لتدافع دلالتي المضي والاستقبال، فما وجه هذا الكلام؟ قلت: العامل في إذ محذوف، لدلالة الكلام عليه، كما حذف في قوله:
{ { فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِ } [يوسف: 15] وقولهم: حينئذٍ الآن، وتقديره: وإذ لم يهتدوا به ظهر عنادهم، فسيقولون هذا إفك قديم، فهذا المضمر صحّ به الكلام، حيث انتصب به الظرف وكان قوله: { فَسَيَقُولُونَ } مسبباً عنه كما صحَّ بإضمار أنّ قوله: { { حَتَّىٰ يَقُولَ ٱلرَّسُولُ } [البقرة: 214] لمصادفة (حتى) مجرورها، والمضارع ناصبه. وقولهم: { إِفْكٌ قَدِيمٌ } كقولهم: أساطير الأوّلين { كِتٰبُ مُوسَىٰۤ } مبتدأ ومن قبله ظرف واقع خبراً مقدماً عليه، وهو ناصب { إِمَاماً } على الحال، كقولك: في الدار زيد قائماً. وقرىء: ومن قبله كتاب موسى، على: وآتينا الذين قبله التوراة. ومعنى { إِمَاماً }: قدوة يؤتم به في دين الله وشرائعه، كما يؤتم بالإمام { وَرَحْمَةً } لمن آمن به وعمل بما فيه { وَهَـٰذَا } القرآن { كِتَـٰبٌ مُّصَدِّقٌ } لكتاب موسى. أو لما بين يديه وتقدّمه من جميع الكتب. وقرىء «مصدق لما بين يديه» { لِّسَاناً عَرَبِيّاً } حال من ضمير الكتاب في مصدق، والعامل فيه (مصدق) ويجوز أن ينتصب حالاً عن كتاب لتخصصه بالصفة، ويعمل فيه معنى الإشارة. وجوّز أن يكون مفعولاً لمصدق، أي: يصدق ذا لسان عربي وهو الرسول. وقرىء: «لينذر» بالياء والتاء، ولينذر: من نذر ينذر إذا حذر { وَبُشْرَىٰ } في محل النصب معطوف على محل لينذر، لأنه مفعول له.