التفاسير

< >
عرض

أَفَحُكْمَ ٱلْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ ٱللَّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ
٥٠
-المائدة

{ أَفَحُكْمَ ٱلْجَـٰهِلِيَّةِ يَبْغُونَ } فيه وجهان، أحدهما: أنّ قريظة والنضير طلبوا إليه أن يحكم بما كان يحكم به أهل الجاهلية من التفاضل بين القتلى: وروي: ((352 أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم: «القتلى بواء» فقال بنو النضير: نحن لا نرضى بذلك فنزلت: والثاني: أن يكون تعبيراً لليهود بأنهم أهل كتاب وعلم، وهم يبغون حكم الملة الجاهلية التي هي هوى وجهل، لا تصدر عن كتاب ولا ترجع إلى وحي من الله تعالى: وعن الحسن: هو عامّ في كل من يبغي غير حكم الله: والحكم حكمان: حكم بعلم فهو حكم الله، وحكم بجهل فهو حكم الشيطان. وسئل طاوس عن الرجل يفضل بعض ولده على بعض، فقرأ هذه الآية: وقرىء: «تبغون»، بالتاء والياء: وقرأ السلمي: «أفحكمُ الجاهلية يبغون»، برفع الحكم على الابتداء، وإيقاع يبغون خبراً وإسقاط الراجع عنه كإسقاطه عن الصلة في { أَهَـٰذَا ٱلَّذِى بَعَثَ ٱللَّهُ رَسُولاً } [الفرقان: 31] وعن الصفة في: الناس رجلان: رجل أهنت، ورجل أكرمت. وعن الحال في (مررت بهند يضرب زيد) وقرأ قتادة: { أَفَحُكْمَ ٱلْجَـٰهِلِيَّةِ } على أنّ هذا الحكم الذي يبغونه إنما يحكم به أفعى نجران، أو نظيره من حكام الجاهلية، فأرادوا بسفههم أن يكون محمد خاتم النبيين حكماً كأولئك الحكام. اللام في قوله: { لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ } للبيان كاللام في (هيت لك) أي هذا الخطاب وهذا الاستفهام لقوم يوقنون، فإنهم الذين يتيقنون أن لا أعدل من الله ولا أحسن حكماً منه.