التفاسير

< >
عرض

وَجَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَآءَ ٱلْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُواْ لَهُ بَنِينَ وَبَنَٰتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَٰنَهُ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يَصِفُونَ
١٠٠
-الأنعام

إن جعلت { للَّهِ شُرَكَاء } مفعولي جعلوا، نصبت الجنّ بدلاً من شركاء، وإن جعلت { للَّهِ } لغواً كان { شُرَكَاء ٱلْجِنَّ } مفعولين قدم ثانيهما على الأول. فإن قلت: فما فائدة التقديم؟ قلت: فائدته استعظام أن يتخذ لله شريك مَن كان ملكاً أو جنياً أو إنسياً أو غير ذلك. ولذلك قدّم اسم الله على الشركاء. وقرىء: «الجن» بالرفع، كأنه قيل: من هم؟ فقيل: الجن. وبالجرّ على الإضافة التي للتبيين. والمعنى أشركوهم في عبادته، لأنهم أطاعوهم كما يطاع الله. وقيل: هم الذين زعموا أنّ الله خالق الخير وكل نافع، وإبليس خالق الشر وكل ضارّ { وَخَلَقَهُمْ } وخلق الجاعلين لله شركاء. ومعناه: وعلموا أن الله خالقهم دون الجن، ولم يمنعهم علمهم أن يتخذوا من لا يخلق شريكاً للخالق. وقيل: الضمير للجن. وقرىء: «وخلقهم»، أي اختلاقهم الإفك، يعني: وجعلوا لله خلقهم حيث نسبوا قبائحهم إلى الله في قولهم { وَٱللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا } [الأعراف: 28]، { وَخَرَقُواْ لَهُ } وخلقوا له، أي افتعلوا له { بَنِينَ وَبَنَاتٍ } وهو قول أهل الكتابين في المسيح وعزير، وقول قريش في الملائكة يقال: خلق الإفك وخرقه واختلفه واخترقه، بمعنى: وسئل الحسن عنه فقال: كلمة عربية كانت العرب تقولها: كان الرجل إذا كذب كذبة في نادي القوم يقول له بعضهم: قد خرقها والله، ويجوز أن يكون من خرق الثوب إذا شقه، أي اشتقوا له بنين وبنات، وقرىء: «وخرّقوا» بالتشديد للتكثير، لقوله: { بَنِينَ وَبَنَاتٍ } وقرأ ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما «وحرّفوا» له، بمعنى: وزوّروا له أولاداً لأنّ المزوّر محرّف مغير للحق إلى الباطل { بِغَيْرِ عِلْمٍ } من غير أن يعلموا حقيقة ما قالوه من خطأ أو صواب، ولكن رمياً بقول عن عمى وجهالة. من غير فكر وروية.