التفاسير

< >
عرض

وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى ٱلنَّارِ فَقَالُواْ يٰلَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَٰتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ
٢٧
بَلْ بَدَا لَهُمْ مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ
٢٨
-الأنعام

{ وَلَوْ تَرَى } جوابه محذوف تقديره. ولو ترى لرأيت أمراً شنيعاً { وُقِفُواْ عَلَى ٱلنَّارِ } أروها حتى يعاينوها. أو اطلعوا عليها اطلاعاً هي تحتهم، أو أدخلوها فعرفوا مقدار عذابها من قولك: وقفته على كذا إذا فهمته وعرفته، وقرىء: «وقفوا» على البناء للفاعل، ومن وقف عليه وقوفاً { يَٰلَيْتَنَا نُرَدُّ } تم تمنيهم. ثم ابتدؤا { وَلاَ نُكَذّبَ بِـئَايَـٰتِ رَبّنَا وَنَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } واعدين الإيمان، كأنهم قالوا: ونحن لا نكذب ونؤمن على وجه الإثبات. شبهة سيبويه بقولهم: دعني ولا أعود، بمعنى: دعني وأنا لا أعود، تركتني أو لم تتركني. ويجوز أن يكون معطوفاً على نردّ، أو حالاً على معنى: يا ليتنا نرد غير مكذبين وكائنين من المؤمنين، فيدخل تحت حكم التمني. فإن قلت: يدفع ذلك قوله: { وَإِنَّهُمْ لَكَـٰذِبُونَ } لأن المتمنّي لا يكون كاذباً. قلت: هذا تمنٍّ قد تضمن معنى العدة، فجاز أن يتعلق به التكذيب، كما يقول الرجل: ليت الله يرزقني مالاً فأحسن إليك وأكافئك على صنيعك، فهذا متمنّ في معنى الواعد، فلو رزق مالاً ولم يحسن إلى صاحبه ولم يكافئه كذب، كأنه قال: إن رزقني الله مالاً كافأتك على الإحسان. وقرىء: «ولا نكذب ونكون» بالنصب بإضمار أن على جواب التمني ومعناه: إن رددنا لم نكذب ونكن من المؤمنين { بَلْ بَدَا لَهُمْ مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ } من قبائحهم وفضائحهم في صحفهم وبشهادة جوارحهم عليهم؛ فلذلك تمنوا ما تمنوا ضجراً؛ لا أنهم عازمون على أنهم لو ردّوا لآمنوا. وقيل: هو في المنافقين وأنه يظهر نفاقهم الذي كانوا يسرونه. وقيل: هو في أهل الكتاب وأنه يظهر لهم ما كانوا يخفونه من صحة نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم { وَلَوْ رُدُّواْ } إلى الدنيا بعد وقوفهم على النار { لَعَـٰدُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ } من الكفر والمعاصي { وَإِنَّهُمْ لَكَـٰذِبُونَ } فيما وعدوا من أنفسهم لا يفون به.