قيل: نزلت في المطعمين يوم بدر، كان يطعم كل واحد منهم كلّ يوم عشر جزائر. وقيل: قالوا لكل من كان له تجارة في العير: أعينوا بهذا المال على حرب محمد، لعلنا ندرك منه ثأرنا بما أصيب منا ببدر. وقيل: نزلت في أبي سفيان وقد استأجر ليوم أحد ألفين من الأحابيش سوى من استجاش من العرب، وأنفق عليهم أربعين أوقية. والأوقية اثنان وأربعون مثقالاً { لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } أي كان غرضهم في الإنفاق الصدّ عن اتباع محمد وهو سبيل الله، وإن لم يكن عندهم كذلك { ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً } أي تكون عاقبة إنفاقها ندماً وحسرة، فكأن ذاتها تصير ندما وتنقلب حسرة { ثُمَّ يُغْلَبُونَ } آخر الأمر وإن كانت الحرب بينهم وبين المؤمنين سجالا قبل ذلك فيرجعون طلقاء
{ كَتَبَ ٱللَّهُ لاَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِى } [المجادلة: 21]. { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } والكافرون منهم { إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ } لأنّ منهم من أسلم وحسن إسلامه { لِيَمِيزَ ٱللَّهُ ٱلْخَبِيثَ } الفريق الخبيث من الكفار { مِنَ } الفريق { ٱلطَّيّبِ } من المؤمنين، فيجعل الفريق { ٱلْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىٰ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً } عبارة عن الجمع والضم، حتى يتراكبوا، كقوله تعالى: { كَادُواْ يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً } يعني لفرط ازدحامهم { أُوْلَـٰئِكَ } إشارة إلى الفريق الخبيث، وقيل: ليميز المال الخبيث الذي أنفقه المشركون في عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، من المال الطيب الذي أنفقه المسلمون كأبي بكر وعثمان في نصرته { فَيَرْكُمَهُ } فيجعله في جهنم في جملة ما يعذّبون به، كقوله: { فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ } الآية [التوبة: 35]، واللام على هذا متعلقة بقوله: { ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً } وعلى الأوّل يحشرون، وأولئك: إشارة إلى الذين كفروا. وقرىء: ليميز على التخفيف.