التفاسير

< >
عرض

وَيَرَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ ٱلَّذِيۤ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ ٱلْحَقَّ وَيَهْدِيۤ إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَمِيدِ
٦
-سبأ

مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير

لما بين حال من يسعى في التكذيب في الآخرة بين حاله في الدنيا وهو أن سعيه باطل فإن من أوتي علماً لا يغتر بتكذيبه ويعلم أن ما أنزل إلى محمد صلى الله عليه وسلم حق وصدق، وقوله: { هو الحق } يفيد الحصر أي ليس الحق إلا ذلك، وأما قول المكذب فباطل، بخلاف ما إذا تنازع خصمان، والنزاع لفظي فيكون قول كل واحد حقاً في المعنى، وقوله تعالى: { وَيَهْدِى إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَمِيدِ } يحتمل أن يكون بياناً لكونه هو الحق فإنه هاد إلى هذا الصراط، ويحتمل أن يكون بياناً لفائدة أخرى، وهي أنه مع كونه حقاً هادياً والحق واجب القبول فكيف إذا كان فيه فائدة في الاستقبال وهي الوصول إلى الله، وقوله: { ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَمِيدِ } يفيد رغبة ورهبة، فإنه إذا كان عزيزاً يكون ذا انتقام ينتقم من الذي يسعى في التكذيب، وإذا كان حميداً يشكر سعي من يصدق ويعمل صالحاً، فإن قيل كيف قدم الصفة التي للهيبة على الصفة التي للرحمة مع أنك أبداً تسعى في بيان تقديم جانب الرحمة؟ نقول كونه عزيزاً تام الهيبة شديد الانتقام يقوي جانب الرغبة لأن رضا الجبار العزيز أعز وأكرم من رضا من لا يكون كذلك، فالعزة كما تخوف ترجى أيضاً، وكما ترغب عن التكذيب ترغب في التصديق ليحصل القرب من العزيز.