التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدْ جَآءَكُمُ ٱلرَّسُولُ بِٱلْحَقِّ مِن رَّبِّكُمْ فَآمِنُواْ خَيْراً لَّكُمْ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً
١٧٠
-النساء

مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير

اعلم أنه تعالى لما أجاب عن شبهة اليهود على الوجوه الكثيرة وبيّـن فساد طريقتهم ذكر خطاباً عاماً يعمهم ويعم غيرهم في الدعوة إلى دين محمد عليه الصلاة والسلام فقال: { يأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدْ جَاءكُمُ ٱلرَّسُولُ بِٱلْحَقّ مِن رَّبّكُمْ } وهذا الحق فيه وجهان: الأول: أنه جاء بالقرآن، والقرآن معجز فيلزم أنه جاء بالحق من ربه. والثاني: أنه جاء بالدعوة إلى عبادة الله والإعراض عن غيره، والعقل يدل على أن هذا هو الحق، فيلزم أنه جاء بالحق من ربه.

ثم قال تعالى: { فآمنوا خيراً لكم } يعين فآمنوا يكن ذلك الإيمان خيراً لكم مما أنتم فيه، أي أحمد عاقبة من الكفر، وإن تكفروا فإن الله غني عن إيمانكم لأنه مالك السموات والأرض وخالقهما، ومن كان كذلك لم يكن محتاجاً إلى شيء، ويحتمل أن يكون المراد: فإن لله ما في السموات والأرض، ومن كان كذلك كان قادراً على إنزال العذاب الشديد عليكم لو كفرتم، ويحتمل أن يكون المراد: أنكم إن كفرتم فله ملك السموات والأرض وله عبيد يعبدونه وينقادون لأمره وحكمه.

ثم قال تعالى: { وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً } أي عليماً لا يخفى عليه من أعمال عباده المؤمنين والكافرين شيء، و{ حَكِيماً } لا يضيع عمل عامل منهم ولا يسوي بين المؤمن والكافر والمسيء والمحسن، وهو كقوله { { أَمْ نَجْعَلُ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ كَٱلْمُفْسِدِينَ فِى ٱلأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ ٱلْمُتَّقِينَ كَٱلْفُجَّارِ } [ص: 28].