التفاسير

< >
عرض

وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنتَ تُسْمِعُ ٱلصُّمَّ وَلَوْ كَانُواْ لاَ يَعْقِلُونَ
٤٢
وَمِنهُمْ مَّن يَنظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي ٱلْعُمْيَ وَلَوْ كَانُواْ لاَ يُبْصِرُونَ
٤٣
-يونس

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ } يريد بظواهرهم، وقلوبُهم لا تَعِي شيئاً مما يقوله من الحق ويتلوه من القرآن؛ ولهذا قال: { أَفَأَنتَ تُسْمِعُ ٱلصُّمَّ وَلَوْ كَانُواْ لاَ يَعْقِلُونَ } أي لا تسمع؛ فظاهره الاستفهام ومعناه النفي، وجعلهم كالصم للختم على قلوبهم والطبع عليها، أي لا تقدر على هداية من أصمّه الله عن سماع الهدى. وكذا المعنى في: { وَمِنهُمْ مَّن يَنظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي ٱلْعُمْيَ وَلَوْ كَانُواْ لاَ يُبْصِرُونَ } أخبر تعالى أن أحداً لا يؤمن إلا بتوفيقه وهدايته. وهذا وما كان مثلَه يردّ على القدرية قولهم؛ كما تقدّم في غير موضع. وقال: «يستمعون» على معنى «مَن» و «ينظر» على اللفظ؛ والمراد تسلية النبيّ صلى الله عليه وسلم، أي كما لا تقدر أن تسمع من سُلب السمع ولا تقدر أن تخلُق للأعمى بصراً يهتدي به، فكذلك لا تقدر أن توفّق هؤلاء للإيمان وقد حكم الله عليهم ألاّ يؤمنوا. ومعنى: «يَنْظُرُ إلَيْكَ» أي يديم النظر إليك؛ كما قال: { { يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدورُ أَعْيُنُهُمْ كَٱلَّذِي يُغْشَىٰ عَلَيْهِ مِنَ ٱلْمَوْتِ } [الأحزاب: 19]. قيل: إنها نزلت في المستهزئين، والله أعلم.