التفاسير

< >
عرض

وَلَئِنْ أَذَقْنَا ٱلإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ
٩
وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَآءَ بَعْدَ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ ٱلسَّيِّئَاتُ عَنِّيۤ إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ
١٠
إِلاَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ
١١
-هود

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { وَلَئِنْ أَذَقْنَا ٱلإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً } الإنسان ٱسم شائع للجنس في جميع الكفار. ويقال: إن الإنسان هنا الوليد بن المغيرة وفيه نزلت. وقيل: في عبد الله بن أبي أميّة المخزوميّ. «رَحْمَةً» أي نعمة. { ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ } أي سلبناه إياها. { إِنَّهُ لَيَئُوسٌ } أي يائس من الرحمة. { كَفُورٌ } للنعم جاحد لها؛ قاله ٱبن الأعرابي. النحاس: { لَيَؤُوسٌ } من يَئِس، يَيْأَس، وحكى سيبويه يَئس يَيْأَس على فَعِل يفعِل، ونظيره حَسِب يَحْسِب ونَعِم يَنْعِم، ويَأَس ييئس؛ وبعضهم يقول: يَئس يَيئِسُ؛ ولا يعرف في الكلام (العربي) إلا هذه الأربعة الأحرف من السالم جاءت على فَعِل يفعِل؛ وفي واحد منها ٱختلاف. وهو يَئِسٌ و «يَؤُوسٌ» على التكثير كفخور للمبالغة.

قوله تعالى: { وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَآءَ } أي صحة ورخاء وسعة في الرزق. { بَعْدَ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُ } أي بعد ضُرٍّ وفقر وشدّة. { لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ ٱلسَّيِّئَاتُ عَنِّيۤ } أي الخطايا التي تسوء صاحبها من الضُّرّ والفقر. { إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ } أي يفرح ويفخر بما ناله من السَّعَة وينسى شكر الله عليه؛ يقال: رجل فاخر إذا ٱفتخر ـ وفخور للمبالغة ـ قال يعقوب القارىء: وقرأ بعض أهل المدينة «لَفَرُحٌ» بضم الراء كما يقال: رجل فَطُنٌ وحَذُرٌ ونَدُسٌ. ويجوز في كلتا اللغتين الإِسكان لثقل الضمة والكسرة.

قوله تعالى: { إِلاَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ } يعني المؤمنين، مدحهم بالصبر على الشدائد. وهو في موضع نصب. قال الأخفش: هو ٱستثناء ليس من الأوّل؛ أي لكن الذين صبروا وعملوا الصالحات في حالتي النعمة والمحنة. وقال الفرّاء: هو ٱستثناء من { وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ } أي من الإنسان، فإن الإنسان بمعنى الناس، والناس يشمل الكافر والمؤمن؛ فهو ٱستثناء متصل وهو حسن. { أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ مَّغْفِرَةٌ } ابتداء وخبر. { وَأَجْرٌ } معطوف. { كَبِيرٌ } صفة.