قوله تعالى: { قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ } أي في الصورة والهيئة كما قلتم. { وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَمُنُّ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ } أي يتفضّل عليه بالنبوّة. وقيل؛ بالتوفيق والحكمة والمعرفة والهداية. وقال سهل بن عبد الله: بتلاوة القرآن وفهم ما فيه.
قلت: وهذا قول حسن؛ وقد خرّج الطبريّ من حديث ابن عمر قال قلت لأبي ذرّ: يا عمّ أوصني؛ قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتني فقال:
"ما من يوم ولا ليلة ولا ساعة إلا ولله فيه صدقة يمنّ بها على من يشاء من عباده وما منّ الله تعالى على عباده بمثل أن يُلهمهم ذِكره" . { وَمَا كَانَ لَنَآ أَن نَّأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ } أي بحجة وآية. { إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ } أي بمشيئته، وليس ذلك في قدرتنا؛ أي لا نستطيع أن نأتي بحجة كما تطلبون إلا بأمره وقدرته؛ فلفظه لفظ الخبر، ومعناه النفي، لأنه لا يحظر على أحد ما لا يقدر عليه. { وَعلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ } تقدّم معناه. قوله تعالى: { وَمَا لَنَآ أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى ٱللَّهِ } «ما» استفهام في موضع رفع بالابتداء، و «لَنَا» الخبر، وما بعدها في موضع الحال؛ التقدير: أيّ شيء لنا في ترك التوكل على الله. { وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا } أي الطريق الذي يوصل إلى رحمته، وينجي من سخطه ونقمته. { وَلَنَصْبِرَنَّ } لام قسم؛ مجازه: والله لنصبرن { عَلَىٰ مَآ آذَيْتُمُونَا } به، أي من الإهانة والضرب، والتكذيب والقتل، ثقة بالله أنه يكفينا ويثيبنا. { وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُتَوَكِّلُونَ }.]