التفاسير

< >
عرض

وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ ٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُمْ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَآءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ وَفِي ذٰلِكُمْ بَلاۤءٌ مِّن رَّبَّكُمْ عَظِيمٌ
٦
وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ
٧
-إبراهيم

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ ٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُمْ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَآءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ وَفِي ذٰلِكُمْ بَلاۤءٌ مِّن رَّبَّكُمْ عَظِيمٌ } تقدم في «البقرة» مستوفى والحمد لله.

قوله تعالى: { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ } قيل: هو من قول موسى لقومه. وقيل: هو من قول الله؛ أي وٱذكر يا محمد إذ قال ربك كذا. و«تَأَذَّنَ» وأذّن بمعنى أَعْلَم؛ مثل أَوْعَد وتَوَعَّد؛ روي معنى ذلك عن الحسن وغيره. ومنه الأذان، لأنه إعلام؛ قال الشاعر:

فَلَمْ نَشْعُرْ بضوءِ الصّبحِ حتّىسمِعنا في مجَالِسِنا الأَذِينَا

وكان ابن مسعود يقرأ «وَإِذْ قَالَ رَبُّكُمْ» والمعنى واحد. { لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ } أي لئن شكرتم إنعامي لأزيدنكم من فضلي. الحسن: لئن شكرتم نعمتي لأزيدنكم من طاعتي. ٱبن عباس: لئن وَحَّدْتُم وأطعتم لأزيدنّكم من الثواب، والمعنى متقارب في هذه الأقوال؛ والآية نصٌّ في أن الشكر سبب المزيد؛ وقد تقدم في «البقرة» ما للعلماء في معنى الشكر. وسئل بعض الصلحاء عن الشكر لله فقال: ألاّ تتقَوّى بنعمه على معاصيه. وحكي عن داود عليه السلام أنه قال: أي رب كيف أشكرك، وشكري لك نعمة مجدّدة منك عليّ. قال: يا داود الآن شكرتني.

قلت: فحقيقة الشكر على هذا الاعترافُ بالنعمة للمنعم، وألاّ يصرفها في غير طاعته؛ وأنشد الهادي وهو يأكل:

أَنَالَكَ رِزقَه لتقومَ فيهِبطاعتهِ وتشكرَ بعض حقِّه
فلم تشْكُر لِنعمتِهِ ولكِنْقَوِيتَ على معاصِيهِ برزقه

فغُصَّ باللقمة، وخنقته العَبْرة. وقال جعفر الصادق: إذا سمعت النعمة نعمة الشكر فتأهب للمزيد. { وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ } أي جحدتم حقِّي. وقيل: نِعَمِي؛ وَعَد بالعذاب على الكفر، كما وَعَد بالزيادة على الشكر، وحذفت الفاء التي في جواب الشرط من «إن» للشهرة.