التفاسير

< >
عرض

وَلِسُلَيْمَانَ ٱلرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ
٨١
وَمِنَ ٱلشَّيَاطِينِ مَن يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذٰلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ
٨٢
-الأنبياء

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { وَلِسُلَيْمَانَ ٱلرِّيحَ عَاصِفَةً } أي وسخرنا لسليمان الريح عاصفة، أي شديدة الهُبوب. يقال منه: عَصفت الريحُ أي اشتدت فهي ريح عاصفٌ وعَصُوف. وفي لغة بني أسد: أعَصفت الريحُ فهي مُعْصِف ومُعْصِفة. والعَصْف التِّبن فسمى به شدة الريح؛ لأنها تعصفه بشدة تطيرها. وقرأ عبد الرحمن الأعرج والسّلَمي وأبو بكر «وَلِسُلَيْمَان الرِّيحُ» برفع الحاء على القطع مما قبله؛ والمعنى ولسليمان تسخير الريح؛ ابتداء وخبر. { تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا } يعني الشام. يروى أنها كانت تجري به وبأصحابه إلى حيث أراد، ثم تردّه إلى الشام. وقال وهب: كان سليمان بن داود إذا خرج إلى مجلسه عكفت عليه الطير، وقام له الجن والإنس حتى يجلس على سريره. وكان امرأ غزّاء لا يقعد عن الغزو؛ فإذا أراد أن يغزو أمر بخُشب فمدت ورفع عليها الناس والدواب وآلة الحرب، ثم أمر العاصف فأقلت ذلك، ثم أمر الرخاء فمرت به شهراً في رواحه وشهراً في غدوّه، وهو معنى قوله تعالى: { { تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَآءً حَيْثُ أَصَابَ } [صۤ: 36]. والرخاء اللينة. { وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ } أي بكل شيء عملنا عالمين بتدبيره.

قوله تعالى: { وَمِنَ ٱلشَّيَاطِينِ مَن يَغُوصُونَ لَهُ } أي وسخرنا له من يغوصون؛ يريد تحت الماء. أي يستخرجون له الجواهر من البحر. والغَوْص النزول تحت الماء، وقد غاص في الماء، والهاجم على الشيء غائص. والغوّاص الذي يغوص في البحر على اللؤلؤ، وفعله الغِيَاصة. { وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذٰلِكَ } أي سوى ذلك من الغَوْص؛ قاله الفراء. وقيل: يراد بذلك المحاريب والتماثيل وغير ذلك مما يسخِّرهم فيه. { وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ } أي لأعمالهم. وقال الفراء: حافظين لهم من أن يفسدوا أعمالهم، أو يهيجوا أحداً من بني آدم في زمان سليمان. وقيل: «حافظين» من أن يهربوا أو يمتنعوا. أو حفظناهم من أن يخرجوا عن أمره. وقد قيل: إن الحمام والنورة والطواحين والقوارير والصابون من استخراج الشياطين.