قوله تعالى: { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يِقُولُ آمَنَّا بِٱللَّهِ } الآية نزلت في المنافقين كانوا يقولون آمنا بالله { فَإِذَآ أُوذِيَ فِي ٱللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ ٱلنَّاسِ } أي أذاهم { كَعَذَابِ ٱللَّهِ } في الآخرة فارتد عن إيمانه. وقيل: جزع من ذلك كما يجزع من عذاب الله ولا يصبر على الأذية في الله. { وَلَئِنْ جَآءَ } المؤمنين { نَصْرٌ مِّن رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ } هؤلاء المرتدون { إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ } وهم كاذبون؛ فقال الله لهم { أَوَ لَيْسَ ٱللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ ٱلْعَالَمِينَ } يعني الله أعلم بما في صدورهم منهم بأنفسهم. وقال مجاهد: نزلت في ناس كانوا يؤمنون بألسنتهم، فإذا أصابهم بلاء من الله أو مصيبة في أنفسهم افتتنوا. وقال الضحاك: نزلت في ناس من المنافقين بمكة كانوا يؤمنون، فإذا أوذوا رجعوا إلى الشرك. وقال عكرمة: كان قوم قد أسلموا فأكرههم المشركون على الخروج معهم إلى بدر فقتل بعضهم، فأنزل الله:
{ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ ٱلْمَلاۤئِكَةُ ظَالِمِيۤ أَنْفُسِهِمْ } [النساء: 97] فكتب بها المسلمون من المدينة إلى المسلمين بمكة، فخرجوا فلحقهم المشركون، فافتتن بعضهم، فنزلت هذه الآية فيهم. وقيل: نزلت في عيّاش بن أبي ربيعة؛ أسلم وهاجر، ثم أوذي وضرب فارتد. وإنما عذبه أبو جهل والحارث وكانا أخويه لأمه. قال ابن عباس: ثم عاش بعد ذلك بدهر وحسن إسلامه. { وَلَيَعْلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَلَيَعْلَمَنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ } قال قتادة: نزلت في القوم الذين ردهم المشركون إلى مكة.