التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ أُوْحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ
٦٥
بَلِ ٱللَّهَ فَٱعْبُدْ وَكُن مِّنَ ٱلشَّاكِرِينَ
٦٦
-الزمر

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { وَلَقَدْ أُوْحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ } قيل: إن في الكلام تقديماً وتأخيراً؛ والتقدير: لقد أوحي إليك لئن أشركت وأوحي إلى الذين من قبلك كذلك. وقيل: هو على بابه؛ قال مقاتل: أي أوحي إليك وإلى الأنبياء قبلك بالتوحيد والتوحيد محذوف. ثم قال: { لَئِنْ أَشْرَكْتَ } يا محمد { لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ } وهو خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة. وقيل: الخطاب له والمراد أمته؛ إذ قد علم الله أنه لا يشرك ولا يقع منه إشراك. والإحباط الإبطال والفساد؛ قال القشيري: فمن ارتد لم تنفعه طاعاته السابقة ولكن إحباط الردة العمل مشروط بالوفاة على الكفر؛ ولهذا قال: { { وَمَن يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلۤـٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ } [البقرة: 217] فالمطلق هاهنا محمول على المقيد؛ ولهذا قلنا: من حج ثم ارتد ثم عاد إلى الإسلام لا يجب عليه إعادة الحج.

قلت: هذا مذهب الشافعي. وعند مالك تجب عليه الإعادة وقد مضى في «البقرة» بيان هذا مستوفى.

قوله تعالى: { بَلِ ٱللَّهَ فَٱعْبُدْ } النحاس: في كتابي عن أبي إسحاق لفظ اسم الله عز وجل منصوب بـ{ ـاعْبُدْ } قال: ولا اختلاف في هذا بين البصريين والكوفيين. قال النحاس: وقال الفراء يكون منصوباً بإضمار فعل. وحكاه المهدوي عن الكسائي. فأما الفاء فقال الزجاج: إنها للمجازاة. وقال الأخفش: هي زائدة. وقال ابن عباس؛ «فاعْبُدْ» أي فوحِّد. وقال غيره: { بَلِ الله } فأطع { وَكُن مِّنَ ٱلشَّاكِرِينَ } لنعمه بخلاف المشركين.