التفاسير

< >
عرض

وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وَكَانَ ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً
٣٠
-النساء

الجامع لاحكام القرآن

«ذلك» إشارة إلى القتل؛ لأنه أقرب مذكور؛ قاله عطاء. وقيل: هو عائد إلى أكل المال بالباطل وقتل النفس؛ لأن النهي عنهما جاء متّسقاً مسرُوداً، ثم ورد الوعيد حسب النهي. وقيل: هو عام على كل ما نهى عنه من القضايا، من أوّل السورة إلى قوله تعالى: { وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ }. وقال الطبري: «ذلك» عائد على ما نهى عنه من آخر وعيدٍ، وذلك قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ ٱلنِّسَآءَ كَرْهاً } لأن كل ما نهى عنه من أوّل السورة قرن به وعيد، إلا من قوله: { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ } فإنه لا وعيد بعده إلا قوله: { وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ عُدْوَاناً }. والعدوان تجاوز الحدّ. والظلم وضع الشيء في غير موضعه، وقد تقدّم. وقيد الوعيد بذكر العدوان والظلم ليخرج منه فعل السهو والغلط، وذكر العدوان والظلم مع تقارب معانيهما لاختلاف ألفاظهما، وحسن ذلك في الكلام كما قال.

وألفَـى قولـها كذِبـا ومَيْنـا

وحسُن العطف لاختلاف اللفظين؛ يقال: بُعْداً وسُحْقاً؛ ومنه قول يعقوب: { { إِنَّمَآ أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى ٱللَّهِ } . فحسن ذلك لاختلاف اللفظ. و { نُصْلِيهِ } معناه نُمسّه حرّها. وقد بيّنا معنى الجمع بين هذه الآي وحديث أبي سعيد الخُدْريّ في العُصاة وأهل الكبائر لمن أنفذ عليه الوعيد؛ فلا معنى لإعادة ذلك. وقرأ الأعمش والنّخَعِيّ «نَصْلِيه» بفتح النون، على أنه منقول من صَلِيَ ناراً، أي أصليته؛ وفي الخبر «شاة مَصْلِيّة». ومن ضمَّ النون منقول بالهمزة، مثل طعمت وأطعمت.