التفاسير

< >
عرض

إِنْ هُوَ إِلاَّ عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلاً لِّبَنِيۤ إِسْرَائِيلَ
٥٩
وَلَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَا مِنكُمْ مَّلاَئِكَةً فِي ٱلأَرْضِ يَخْلُفُونَ
٦٠
-الزخرف

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى:{ إِنْ هُوَ إِلاَّ عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ } أي ما عيسى إلا عبد أنعم الله عليه بالنبوّة، وجعله مَثَلاً لبني إسرائيل؛ أي آية وعبرة يُستدل بها على قدرة الله تعالى؛ فإن عيسى كان من غير أب، ثم جعل إليه من إحياء الموتى وإبراء الأَكْمَه والأبرص والأسقام كلها ما لم يُجعل لغيره في زمانه، مع أن بني إسرائيل كانوا يومئذ خير الخلق وأحبَّه إلى الله عز وجل، والناس دونهم، ليس أحد عند الله عز وجل مثلَهم. وقيل: المراد بالعبد المنعم عليه محمد صلى الله عليه وسلم؛ والأوّل أظهر. { وَلَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَا مِنكُمْ } أي بَدَلاً منكم { مَّلاَئِكَةً } يكونون خَلَفاً عنكم؛ قاله السُّدِّي. ونحوه عن مجاهد قال: ملائكة يعمرون الأرض بدلاً منكم. وقال الأزهري: إن «مِن» قد تكون للبدل؛ بدليل هذه الآية.

قلت: قد تقدم هذا المعنى في «براءة» وغيرها. وقيل: لو نشاء لجعلنا من الإنس ملائكة وإن لم تجر العادة بذلك، والجواهر جنس واحد والاختلاف بالأوصاف؛ والمعنى: لو نشاء لأسكنا الأرض الملائكة، وليس في إسكاننا إياهم السماء شرف حتى يعبدوا، أو يقال لهم بنات الله. ومعنى { يَخْلُفُونَ } يخلف بعضهم بعضاً؛ قاله ابن عباس.