التفاسير

< >
عرض

هَا أَنتُمْ هَـٰؤُلاَءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَٱللَّهُ ٱلْغَنِيُّ وَأَنتُمُ ٱلْفُقَرَآءُ وَإِن تَتَوَلَّوْاْ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُونُوۤاْ أَمْثَالَكُم
٣٨
-محمد

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى:{ هَا أَنتُمْ هَـٰؤُلاَءِ تُدْعَوْنَ } أي هأنتم هؤلاء أيها المؤمنون تدعون { لِتُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } أي في الجهاد وطريق الخير. { فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ } أي على نفسه؛ أي يمنعها الأجر والثواب. { وَٱللَّهُ ٱلْغَنِيُّ } أي إنه ليس بمحتاج إلى أموالكم. { وَأَنتُمُ ٱلْفُقَرَآءُ } إليها. { وَإِن تَتَوَلَّوْاْ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ } أي أطوع لِلّه منكم. روى الترمذيّ "عن أبي هريرة قال: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية { وَإِن تَتَوَلَّوْاْ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُونُوۤاْ أَمْثَالَكُم } قالوا: ومن يُستبدل بنا؟ قال: فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم على منكِب سلمان ثم قال:هذا وقومه. هذا وقومه" قال: حديث غريب في إسناده مقال. وقد روى عبد الله بن جعفر بن نجيح والد علي بن المديني أيضاً هذا الحديث عن العلاء بن عبد الرحمٰن "عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله، من هؤلاء الذين ذكر الله إن تَوَلَّينا ٱستبدلوا ثم لا يكونوا أمثالنا؟ قال: وكان سلمان جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فخذ سلمان، قال:هذا وأصحابه. والذي نفسي بيده لو كان الإيمان مَنُوطاً بالثُّرَيَّا لتناوله رجال من فارس" . وقال الحسن: هم العجم. وقال عكرمة: هم فارس والروم. قال المحاسبيّ: فلا أحد بعد العرب من جميع أجناس الأعاجم أحسنُ دِيناً، ولا كانت العلماء منهم إلا الفرس. وقيل: إنهم اليمن، وهم الأنصار؛ قاله شريح بن عبيد. وكذا قال ابن عباس: هم الأنصار. وعنه أنهم الملائكة. وعنه هم التابعون. وقال مجاهد: إنهم من شاء من سائر الناس. { ثُمَّ لاَ يَكُونُوۤاْ أَمْثَالَكُم } قال الطبريّ: أي في البخل بالإنفاق في سبيل الله. وحكي عن أبي موسى الأشعري أنه لما نزلت هذه الآية فرح بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: "هي أحبّ إليّ من الدنيا" . والله أعلم.