التفاسير

< >
عرض

وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ ٱلْكِتَٰبِ ءَامَنُواْ وَٱتَّقَوْاْ لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأَدْخَلْنَٰهُمْ جَنَّٰتِ ٱلنَّعِيمِ
٦٥
وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ ٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإِنْجِيلَ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيهِمْ مِّن رَّبِّهِمْ لأَكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَآءَ مَا يَعْمَلُونَ
٦٦
-المائدة

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ ٱلْكِتَابِ } «أَنَّ» في موضع رفع، وكذا { وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ ٱلتَّوْرَاةَ }. { آمَنُواْ } صدّقوا. { وَٱتَّقَوْاْ } أي الشرك والمعاصي. { لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ } اللام جواب «لو» وكفّرنا غطّينا، وقد تقدم. وإقامة التوراة والإنجيل العمل بمقتضاهما وعدم تحريفهما؛ وقد تقدّم هذا المعنى في «البقرة» مستوفى. { وَمَآ أُنزِلَ إِلَيهِمْ مِّن رَّبِّهِمْ } أي القرآن. وقيل: كتب أنبيائهم. { لأَكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم } قال ٱبن عباس وغيره: يعني المطر والنبات: وهذا يدل على أنهم كانوا في جَدْب. وقيل: المعنى لوسعنا عليهم في أرزاقهم وأكلوا أكلاً متواصلاً؛ وذكر فوق وتحت للمبالغة فيما يفتح عليهم من الدنيا؛ ونظير هذه الآية { { وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ } [الطلاق: 2-3] { { وَأَلَّوِ ٱسْتَقَامُواْ عَلَى ٱلطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُم مَّآءً غَدَقاً } [الجن: 16] { { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ ٱلْقُرَىٰ آمَنُواْ وَٱتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ } [الأعراف: 96] فجعل تعالى التُّقى من أسباب الرزق كما في هذه الآيات، ووعد بالمزيد لمن شَكَر فقال: { { لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ } [إبراهيم: 7] ثم أخبر تعالى أن منهم مقتصداً ـ وهم المؤمنون منهم كالنجاشي وسَلمْان وعبدالله بن سلام ـ اقتصدوا فلم يقولوا في عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام إلا ما يليق بهما. وقيل: أراد بالاقتصاد قوماً لم يؤمنوا، ولكنهم لم يكونوا من المؤذين المستهزئين، والله أعلم. والاقتصاد الاعتدال في العمل؛ وهو من القصد، والقصد إتيان الشيء؛ تقول: قصدته وقصدت له وقصدت إليه بمعنى. { سَآءَ مَا يَعْمَلُونَ } أي بئس شيء عَمِلوه؛ كذبوا الرسل، وحَرّفوا الكتب وأَكَلوا السّحت.